تفسیر البرهان ج۳ ص۳۵۱
شناسه حدیث : ۴۰۷۳۳۴ | نشانی : البرهان في تفسير القرآن , جلد۳ , صفحه۳۵۱ عنوان باب : الجزء الثالث سورة الحجر [سورة الحجر (15): الآیات 27 الی 38] قائل : پيامبر اکرم (صلی الله علیه و آله) ، حديث قدسی ، ، وَ عَنْهُ : قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ) سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: «وَ اَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا سَاغَ آدَمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) مِنْ تِلْكَ اَلسَّنَابِلِ إِلاَّ سُنْبُلَةً وَاحِدَةً حَتَّى طَارَ اَلتَّاجُ عَنْ رَأْسِهِ، وَ تَعَارَى مِنْ لِبَاسِهِ، وَ اُنْتُزِعَتْ خَوَاتِيمُهُ، وَ سَقَطَ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى حَوَّاءَ مِنْ لِبَاسِهَا، وَ حُلِيِّهَا، وَ زِينَتِهَا، وَ كُلُّ شَيْءٍ طَارَ عَنْهَا، وَ نَادَاهُ لِبَاسُهُ وَ تَاجُهُ: يَا آدَمُ ، طَالَ حُزْنُكَ، وَ كَثُرَتْ حَسْرَتُكَ، وَ عَظُمَتْ مُصِيبَتُكَ، فَعَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ، وَ هَذِهِ سَاعَةُ اَلْفِرَاقِ إِلَى يَوْمِ اَلتَّلاَقِ، فَإِنَّ رَبَّ اَلْعِزَّةِ عَهِدَ إِلَيْنَا أَنْ لاَ نَكُونَ إِلاَّ عَلَى عَبْدٍ مُطِيعٍ خَاشِعٍ. وَ اِنْتَفَضَ اَلسَّرِيرُ مِنْ فِرَاشِهِ وَ طَارَ فِي اَلْهَوَاءِ، وَ هُوَ يُنَادِي: آدَمُ اَلْمُصْطَفَى قَدْ عَصَى اَلرَّحْمَنَ وَ أَطَاعَ اَلشَّيْطَانَ ، وَ حَوَّاءُ قَدِ اِنْتَفَضَتْ ذَوَائِبُهَا عَنْهَا، وَ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ اَلدُّرِّ وَ اَلْجَوَاهِرِ وَ اَللُّؤْلُؤِ، وَ اِنْحَلَّتِ اَلْمِنْطَقَةُ مِنْ وَسَطِهَا، وَ هِيَ تَقُولُ: لَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُكُمَا وَ طَالَ حُزْنُكُمَا، وَ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِمَا مِنْ لِبَاسِهِمَا شَيْءٌ وَ طَفِقٰا 
أَيْ أَقْبَلاَ: يَخْصِفٰانِ عَلَيْهِمٰا 
أَيْ يَرْقَعَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ اَلْجَنَّةِ 
أَيْ وَرَقِ اَلتِّينِ وَ نٰادٰاهُمٰا رَبُّهُمٰا أَ لَمْ أَنْهَكُمٰا عَنْ تِلْكُمَا اَلشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُمٰا إِنَّ اَلشَّيْطٰانَ لَكُمٰا عَدُوٌّ مُبِينٌ 
. قال ابن عبّاس : إن اللّه تعالى حذر أولاد آدم كما حذر آدم (عليه السلام) في قوله تعالى: يٰا بَنِي آدَمَ لاٰ يَفْتِنَنَّكُمُ اَلشَّيْطٰانُ كَمٰا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ اَلْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمٰا لِبٰاسَهُمٰا 
. قال: و جعل كل واحد منهما ينظر إلى عورة صاحبه، و هرب إبليس مبادرا، و صار مختفيا في بعض طرق السماوات، و لم يبق شيء إلاّ نادى آدم : يا عاصي. و غض أهل الجنة أبصارهم عنهما، و قالوا: أخرجتما من جنتكما! و ناداه فرسه الميمون - و قد خلقه اللّه من مسك الجنة و جميع طيبها من الكافور و الزعفران و العنبر و غير ذلك، و عجن بماء الحيوان، و عرفه من المرجان، و ناصيته من الياقوت، و حافره من الزبرجد الأخضر، و سرجه من الزمرد، و لجامه من الياقوت، و له أجنحة من أنواع الجواهر، و ليس في الجنة دابة أحسن من فرس آدم (عليه السلام) إلا البراق ، قَالَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : «فَضْلُ اَلْبُرَاقَ عَلَى سَائِرِ دَوَابِّ اَلْجَنَّةِ، كَفَضْلِي عَلَى سَائِرِ اَلنَّبِيِّينَ»، و قال ابن عبّاس : قد خلق اللّه الميمون فرس آدم (عليه السلام) -: يا آدم ، هكذا العهد بينك و بين اللّه تعالى؟! و انقبضت أشجار الجنة عنهما حتّى لم يتمكنا أن يستترا بشيء منها، فكلما قرب من شجرة، نادته: إليك عنى يا عاصي. فلما كثرت عليه الملامة و التوبيخ، مر هاربا، و إذا هو بشجرة الطلح قد التفت على ساقيه فمسكته بأغصانها، و نادته إلى أين تهرب، يا عاصي؟ فوقف آدم فزعا مرعوبا مبهوتا، و ظنّ أن العذاب قد أتاه، و جعل ينادي: الأمان، الأمان، و حواء مجتهدة أن تستر نفسها بشعرها، و هو ينكشف عنها، فلما أكثرت عليه، ناداها: يا بادية السوء، هل تقدرين على أن تستري بي، و قد عصيت ربك؟ فقعدت حواء عند ذلك، و وضعت ذقنها على ركبتها كيلا يراها أحد، و هي تحت الشجرة و آدم واقف قد قبضت عليه شجرة الطلح. قال ابن عبّاس : فنودي جبرئيل : «أ لا ترى إلى بديع فطرتي آدم ، كيف عصاني؟ يا جبرئيل ، أ لا ترى إلى حواء أمتي، كيف عصتني، و طاوعت عدوي إبليس ؟» فاضطرب جبرئيل الأمين لما سمع نداء ربّ العالمين، و داخله الخوف و خر ساجدا، و حملة العرش قد سكنت حركاتهم، و هم يقولون: سبحانك، قدوس قدوس، سبوح سبوح، الأمان الأمان. فأخذ جبرئيل (عليه السلام) يعد على آدم (عليه السلام) ما أنعم اللّه تعالى به عليه، و يعاتبه على المعصية، فاضطرب آدم (عليه السلام) فزعا، و ارتعد خوفا، حتى ذهب كلامه، و جعل يشير إلى جبرئيل (عليه السلام): «دعني أهرب من الجنة خوفا من ربي، و حياء منه». قال جبرئيل (عليه السلام): إلى أين تهرب - يا آدم - و ربك أقرب الأقربين، و مدرك الهاربين؟ فقال آدم (عليه السلام) «يا جبرئيل ، ردني أنظر إلى الجنة نظرة الوداع». فجعل آدم (عليه السلام) ينظر عن يمينه و عن شماله، و جبرئيل لا يفارقه، حتى صار قريبا من باب الجنة، و قد أخرج رجله اليمنى و بقيت رجله اليسرى، فنودي: «يا جبرئيل ، قف به على باب الجنة حتّى يخرج معه أعداؤه الذين حملوه على أكل الشجرة، يراهم و يرى ما يفعل بهم». فأوقفه جبرئيل ، و ناداه الرب: «يا آدم ، و خلقتك لتكون عبدا شكورا، لا لتكون عبدا كفورا». فقال آدم (عليه السلام): «يا ربّ، أسألك أن تعيدني إلى تربتي التي خلقت منها ترابا كما كنت أولا». فأجابه الرب: «يا آدم ، قد سبق في علمي، و كتبت في اللوح أن أملأ من ظهرك الجنة و النار». فسكت آدم . قال ابن عبّاس : لما أمرت حواء بالخروج، وثبت إلى ورقة من ورق تين الجنة، طولها و عرضها لا يعلمه إلا اللّه تعالى لتستتر بها، فلما أخذتها، سقطت من يدها، و نطقت: يا حواء ، إنك لفي غرور، إنّه لا يسترك شيء في الجنة بعد أن عصيت اللّه تعالى. فعندها بكت حواء بكاء شديدا، و أمر اللّه الورقة أن تجيبها، فاستترت بها، فقبض جبرئيل (عليه السلام) بناصيتها حتّى أتى بها إلى آدم (عليه السلام) و هو على باب الجنة، فلما رأت آدم (عليه السلام)، صاحت صيحة عظيمة، و قالت: يا لها من حسرة، يا جبرئيل ، ردني أنظر إلى الجنة نظر الوداع. فجعلت تومئ بنظرها إلى الجنة يمينا و شمالا، و تنظر إليها بحسرة، فأخرجا من الجنة، و الملائكة صفوف لا يعلم عددهم إلاّ اللّه تعالى، ينظرون إليهما. ثم أتي بالطاوس، و قد طعنته الملائكة حتّى سقطت أرياشه، و جبرئيل يجره، و يقول له: اخرج من الجنة خروج آيس، فإنك مشؤوم أبدا ما بقيت، و سلبه تاجه، و اجتث أجنحته. قال ابن عبّاس : أحب الطيور إلى إبليس الطاوس، و أبغضها إليه الديك. وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : «أَكْثِرُوا فِي بُيُوتِكُمُ اَلدُّيُوكَ، فَإِنَّ إِبْلِيسَ لاَ يَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ دِيكٌ أَفْرَقُ» . وَ قَالَ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «مَا أُحِبُّ مِنَ اَلدُّنْيَا إِلاَّ أَرْبَعَةً: فَرَساً أُجَاهِدُ بِهَا فِي سَبِيلِ اَللَّهِ، وَ شَاةً أُفْطِرُ عَلَى لَبَنِهَا، وَ سَيْفاً أَدْفَعُ بِهِ عَنْ عِيَالِي، وَ دِيكاً يُوقِظُنِي عِنْدَ اَلصَّلاَةِ». وَ قَالَ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِذَا صَاحَ اَلدِّيكُ فِي اَلسَّحَرِ، نَادَى مُنَادٍ مِنَ اَلْجِنَانِ: أَيْنَ اَلْخَاشِعُونَ، اَلذَّاكِرُونَ، اَلرَّاكِعُونَ، اَلسَّاجِدُونَ، اَلسَّائِحُونَ، اَلْمُسْتَغْفِرُونَ؟ فَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُ ذَلِكَ مَلَكٌ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ فِي اَلسَّمَاوَاتِ، وَ هُوَ عَلَى صُورَةِ اَلدِّيكِ، لَهُ زَغَبٌ وَ رِيشٌ أَبْيَضُ، وَ رَأْسُهُ تَحْتَ اَلْعَرْشِ، وَ رِجْلاَهُ تَحْتَ اَلْأَرْضِ اَلسُّفْلَى، وَ جَنَاحَاهُ مَنْشُورَانِ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ اَلنِّدَاءَ مِنَ اَلْجَنَّةَ، ضَرَبَ جَنَاحَيْهِ ضَرْبَةً، وَ قَالَ: يَا غَافِلِينَ، اُذْكُرُوا اَللَّهَ تَعَالَى اَلَّذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ». وَ رُوِيَ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) لَمَّا حُشِرَ اَلطَّيْرُ، وَ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَنْطِقَ اَلطَّيْرَ، وَ كَانَ حَاشِرُهَا جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ ، فَأَمَّا جَبْرَئِيلُ فَكَانَ يَحْشُرُ طُيُورَ اَلْمَشْرِقِ وَ اَلْمَغْرِبِ مِنَ اَلْبَرَارِي، وَ أَمَّا مِيكَائِيلُ فَكَانَ يَحْشُرُ طُيُورَ اَلْهَوَاءِ وَ اَلْجِبَالِ، فَنَظَرَ سُلَيْمَانُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِلَى عَجَائِبِ خِلْقَتِهَا، وَ اِخْتِلاَفِ صُوَرِهَا، وَ جَعَلَ يَسْأَلُ كُلَّ صِنْفٍ مِنْهُمْ، وَ هُمْ يُجِيبُونَهُ بِمَسَاكِنِهِمْ، وَ مَعَايِشِهِمْ، وَ أَوْكَارِهِمْ، وَ أَعْشَاشِهِمْ، وَ كَيْفَ تَبِيضُ، وَ كَيْفَ تَحِيضُ، وَ كَانَ آخِرُ مَنْ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ اَلدِّيكَ، فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي حُسْنِهِ وَ جَمَالِهِ وَ بَهَائِهِ، وَ مَدَّ عُنُقَهُ، وَ ضَرَبَ بِجَنَاحِهِ، وَ صَاحَ صَيْحَةً أَسْمَعَ اَلْمَلاَئِكَةَ وَ اَلطُّيُورَ وَ جَمِيعَ مَنْ حَضَرَ: يَا غَافِلِينَ، اُذْكُرُوا اَللَّهَ. ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ مَعَ أَبِيكَ آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أُوْقِظُهُ لِوَقْتِ اَلصَّلاَةِ، وَ كُنْتُ مَعَ نُوحٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي اَلْفُلْكِ، وَ كُنْتُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، حِينَ أَظْفَرَهُ اَللَّهُ بِعَدُوِّهِ نُمْرُودَ ، وَ نَصَرَهُ عَلَيْهِ بِالْبَعُوضِ ، وَ كُنْتُ أَكْثَرَ مَا أَسْمَعُ أَبَاكَ إِبَراهِيَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَقْرَأُ آيَةَ اَلْمُلْكِ : قُلِ اَللّٰهُمَّ مٰالِكَ اَلْمُلْكِ تُؤْتِي اَلْمُلْكَ مَنْ تَشٰاءُ وَ تَنْزِعُ اَلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشٰاءُ 
إِلَى آخِرِ اَلْآيَةِ، وَ اِعْلَمْ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ، أَنِّي لاَ أَصِيحُ صَيْحَةً فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّ أَفْزَعْتُ بِهَا اَلْجِنَّ وَ اَلشَّيَاطِينَ، وَ أَمَّا إِبْلِيسُ فَإِنَّهُ يَذُوبُ كَمَا يَذُوبُ اَلرَّصَاصُ فِي اَلنَّارِ. قَالَ: ثُمَّ أُتِيَ بِالْحَيَّةِ، وَ قَدْ جَذَبَتْهَا اَلْمَلاَئِكَةُ جَذْبَةً هَائِلَةً، وَ قَدْ قَطَعُوا يَدَيْهَا وَ رِجْلَيْهَا، وَ إِذَا هِيَ مَسْحُوبَةٌ عَلَى وَجْهِهَا، مَبْطُوحَةٌ عَلَى بَطْنِهَا، لاَ قَوَائِمَ لَهَا، وَ صَارَتْ مَمْدُودَةً، وَ مُنِعَتِ اَلنُّطْقَ فَصَارَتْ خَرْسَاءَ مَشْقُوقَةَ اَللِّسَانِ، فَقَالَتْ لَهَا اَلْمَلاَئِكَةُ: لاَ رَحِمَكِ اَللَّهُ تَعَالَى وَ لاَ رَحِمَ اَللَّهُ مَنْ يَرْحَمُكِ، وَ نَظَرَ إِلَيْهَا آدَمُ وَ حَوَّاءُ ، وَ اَلْمَلاَئِكَةُ يَرْجُمُونَهَا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ اَلْحَيَّةَ فَلَهُ سَبْعُ حَسَنَاتٍ، وَ مَنْ تَرَكَهَا وَ لَمْ يَقْتُلْهَا مَخَافَةَ شَرِّهَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ لَهُ أَجْرٌ، وَ مَنْ قَتَلَ وَزَغاً فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَ مَنْ قَتَلَ حَيَّةً فَلَهُ حَسَنَاتٌ مُضَاعَفَةٌ». و قال ابن عبّاس (رضي اللّه عنه): قتل حية أحبّ إلي من قتل كافر. قال: ثم أخرج آدم (عليه السلام) من الجنة، و أبرزه جبرئيل إلى السماوات، و حجبت عنه حواء فلم يرها و نظرت الملائكة إلى آدم (عليه السلام) و هو عريان، ففزعت منه، و جعلت تقول: إلهنا، و هذا آدم بديع فطرتك، أقله و لا تخذله. و آدم (عليه السلام) قد وضع يده اليمنى على باب الجنة ، و اليسرى على سوأته، و دموعه تجري على خديه، فوقف آدم (عليه السلام)، و ناداه الرب جل و علا: «يا آدم ». قال: «لبيك يا ربي و سيدي و مولاي و خالقي، تراني و لا أراك، و أنت علام الغيوب». قال اللّه تعالى: «يا آدم ، قد سبق في علمي، إذا تاب العاصي تبت عليه، و أتفضل عليه برحمتي. يا آدم ، ما أهون الخلق علي إذا عصوني، و ما أكرمهم علي إذا أطاعوني». فقال آدم (عليه السلام): «بحق من هو الشرف الأكبر، إلاّ ما أقلت عثرتي، و عفوت عني» فأتاه النداء، «يا آدم ، من الذي سألتني بحقه؟». فقال آدم (عليه السلام): «إلهي و سيدي و مولاي و ربي، هذا صفيك و حبيبك و خاصتك و خالصتك و رسولك محمّد بن عبد اللّه ، فلقد رأيت اسمه مكتوبا على العرش، و في اللوح المحفوظ، و على صفح السماوات، و على أبواب الجنان، و قد علمت - يا ربّ - أنك لا تفعل به ذلك إلاّ و هو أكرم الخليقة عندك». قال ابن عبّاس : فنوديت حواء : «يا حواء »، قالت: «لبيك لبيك، يا سيدي و مولاي و ربي، لا إله إلاّ أنت، قد ذهبت زينتي، و عظمت مصيبتي، و حلت شقوتي، و بقيت عريانة لا يسترني شيء من جنتك، يا ربّ». فنوديت: «يا حواء ، من الذي صرف عنك هذه الخيرات التي كنت فيها، و الزينة التي كنت عليها؟». قالت: إلهي و سيدي، ذلك خطيئتي، و قد خدعني إبليس بغروره و أغواني، و أقسم لي بحقك و عزتك إنّه لمن الناصحين لي، و ما ظننت أن عبدا يحلف بك كاذبا. قال: «الآن اخرجي أبدا، فقد جعلتك ناقصة العقل و الدين و الميراث و الشهادة و الذكر، معوجة الخلقة ، شاخصة البصر، و جعلتك أسيرة أيّام حياتك، و أحرمتك أفضل الأشياء: الجمعة، و الجماعة، و السلام، و التحية، و قضيت عليك بالطمث - و هو الدم - و جهد الحبل، و الطلق، و الولادة، فلا تلدين حتّى تذوقي طعم الموت، فأنت أكثر حزنا، و أكسر قلبا، و أكثر دمعة، و جعلتك دائمة الأحزان، و لم أجعل منكن حاكما، و لا أبعث منكن نبيا». فقال آدم : «يا ربّ، إنك أخرجتني من الجنة، و تريد أن تجمع بيني و بين عدوي إبليس اللعين، فقوني عليه، يا ربّ». فقال له: «يا آدم ، تقوَّ عليه بتقواي و توحيدي و ذكري، و هو أن تقول: لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه؛ و أكثر من ذلك، فإنها لعدوي و عدوك مثل الشهاب القاتل. يا آدم ، قد جعلت مسكنك المساجد، و طعامك الحلال الذي ذكر عليه اسمي، و شرابك ما أجريته من ماء معين، و ليكن شعارك ذكري، و دثارك ما أنسجته بيدك». فقال آدم : «زدني، يا ربّ». قال: «أحفظك بملائكتي» فقال: «يا ربّ، زدني». فقال: «لا يولد لك ولد إلاّ وكلت به ملائكة يحرسونه». قال: «يا ربّ، زدني» قال: «لا أنزع التوبة منك و لا من ذريتك ما تابوا إلي». قال: «زدني، يا ربّ». قال: «أغفر لك و لولدك و لا أبالي، و أنا الرب العلي المتعالي». قال: فعندها تكلمت حواء ، و قالت: إلهي، خلقتني من ضلع أعوج، و جعلتني ناقصة العقل و الدين و الشهادة و الميراث و الذكر، و حرمتني أفضل الأشياء، و ألزمتني الحبل و الطلق، و صيرتني بالنجاسة، و كيف أخرج من الجنة و قد حرمتني جميع الخيرات؟ فنوديت: «أن اخرجي، فإني أرفق قلوب عبادي عليكن». قال ابن عبّاس : لقد جعل بين الرجال و النساء الألفة و الأنس، فاحبسوهن في البيوت، و أحسنوا إليهن ما استطعتم. قَالَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : «اَلْمَرْأَةُ ضِلْعٌ مَكْسُورٌ فَاجْبُرُوهُ». وَ قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «اَلْمَرْأَةُ رَيْحَانَةٌ، وَ لَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ». وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : «كُلُّ اِمْرَأَةٍ صَالِحَةٍ عَبَدَتْ رَبَّهَا، وَ أَدَّتْ فَرْضَهَا، وَ أَطَاعَتْ زَوْجَهَا، دَخَلَتِ اَلْجَنَّةَ ». فنوديت: «اخرجي، فإني مخرج منكما ما يملأ الجنة و النار، فأما الذين يملؤون الجنة فمن نبي و صديق و شهيد و مستغفر، و من يصلي عليكما، و يستغفر لكما». قال (عليه السلام): «ما من مؤمن و لا مؤمنة يستغفر لآدم و حواء إلاّ عرض الاستغفار عليهما، فيفرحان، و يقولان: يا ربّ، هذا ولدنا فلان قد استغفر لنا، و صلى علينا، فتفضل عليه، و زد من كرمك و إحسانك إليه». و روي: أن من لم يصل عليهما عند ذكرهما، فقد عقهما. فقالت حواء : أسألك - يا ربّ - أن تعطيني كما أعطيت آدم . فقال الرب عزّ و جلّ: «إني قد وهبتك الحياء و الرحمة و الأنس، و كتبت لك من ثواب الاغتسال و الولادة ما لو رأيته من الثواب الدائم، و النعيم المقيم، و الملك الكبير، لقرت به عينك. يا حواء ، أيما امرأة ماتت في ولادتها حشرتها مع الشهداء، يا حواء ، أيما امرأة أخذها الطلق إلاّ كتبت لها أجر شهيد، فإن تحملت و ولدت، غفرت لها ذنوبها و لو كانت مثل زبد البحر و رمل البر و ورق الشجر، و إن ماتت فهي شهيدة، و حضرتها الملائكة عند قبض روحها، و بشروها بالجنة، و تزف إلى بعلها في الآخرة، و تفضل على سائر الحور العين بسبعين درجة» فقالت حواء : حسبي ما أعطيت. قال: و تكلم إبليس اللعين، و قال: يا ربّ إنك أغويتني و أبلستني، و كان ذلك في سابق علمك، فأنظرني إلى يوم يبعثون. قال: فَإِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ `إِلىٰ يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ 
و هي النفخة الأولى. قال: فَبِمٰا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرٰاطَكَ اَلْمُسْتَقِيمَ `ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمٰانِهِمْ وَ عَنْ شَمٰائِلِهِمْ وَ لاٰ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شٰاكِرِينَ 
قال: اُخْرُجْ مِنْهٰا مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ 
. قال: إنك أنظرتني، فأين مسكني إذا هبطت إلى الأرض؟ قال: «المزابل». قال: فما قراءتي؟ قال: «الشعر» قال: فما مؤذني؟ قال: «المزمار». قال: فما طعامي؟ قال: «ما لم يذكر عليه اسمي». قال: فما شرابي؟ قال: «الخمور جميعها». قال: فما بيتي؟ قال: «الحمام». قال: فما مجلسي؟ قال: «الأسواق، و محافل النساء النائحات». قال: فما شعاري؟ قال: «الغناء» قال: فما دثاري؟ قال: «سخطي» قال: فما مصائدي؟ قال: «النساء». قال إبليس : لا خرجت محبة النساء من قلبي، و لا من قلوب بني آدم ، فنودي. «يا ملعون، إني لا أنزع التوبة من بني آدم حتّى ينزعوا بالموت، فاخرج منها فإنك رجيم، و إن عليك لعنتي إلى يوم الدين
». فقال آدم : يا ربّ، هذا عدوي و عدوك أعطيته النظرة، و قد أقسم بعزتك أنّه يغوي أولادي، فبم أحترز عن مصائده و مكائده؟» فنودي: «يا آدم ، قد مننت عليك بثلاث خصال: واحدة لي، و واحدة لك، و واحدة بيني و بينك؛ أما التي لي، فهي أن تعبدني و لا تشرك بي شيئا، و أمّا التي لك، فهو ما عملت من صغيرة و كبيرة من الحسنات، فلك الحسنة بعشر أمثالها، و العشر بمائة، و المائة بألف، و أضعفها لك كالجبال الرواسي، و إن عملت سيئة، فواحدة بواحدة، و إن أنت استغفرتني، غفرتها لك، و أنا الغفور الرحيم؛ و أمّا التي بيني و بينك فلك الدعاء و المسألة، و مني الإجابة، فابسط يديك فادعني، فإني قريب مجيب». قال: فلما سمع بذلك اللعين، صاح بأعلى صوته، حسدا لآدم (عليه السلام)، قال: كيف أكيد بولد آدم الآن؟ فنودي: «يَا مَلْعُونُ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شٰارِكْهُمْ فِي اَلْأَمْوٰالِ وَ اَلْأَوْلاٰدِ وَ عِدْهُمْ وَ مٰا يَعِدُهُمُ اَلشَّيْطٰانُ إِلاّٰ غُرُوراً 
» قال إبليس : يا ربّ، زدني. قال: «لا يولد لآدم ولد إلاّ و يولد لك سبعة». قال: يا ربّ، زدني. قال: «زدتك أن تجري بهم مجرى الدم في عروقهم و توسوس و تسكن في صدورهم، و تخنس في قلوبهم» قال إبليس : يا ربّ، فبم أهبط إلى الأرض؟ قال: «على اليأس من رحمتي». قَالَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : «أَخْلِفُوا ظَنَّ إِبْلِيسَ اَللَّعِينِ فِيمَا سَأَلَ رَبَّهُ، فَإِنَّ شِرْكَهُ فِي اَلْأَمْوَالِ اَلْمُكْتَسَبَةِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا، وَ شِرْكَهُ فِي اَلْأَوْلاَدِ اَلْحَرَامِ، فَطَيِّبُوا اَلنِّكَاحَ، وَ اِزْدَجِرُوا عَنِ اَلزِّنَا». وَ قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «إِذَا جَامَعْتُمْ أَزْوَاجَكُمْ فَاذْكُرُوا اَللَّهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَ إِلاَّ يَدْخُلُ إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ ذَكَرَهُ كَمَا يَدْخُلُ اَلرَّجُلُ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِ اِمْرَأَتِهِ، وَ يَفْعَلُ بِهَا كَمَا يَفْعَلُ زَوْجُهَا». وَ قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «إِذَا سَمِعَ إِبْلِيسُ ذِكْرَ اَللَّهِ أَوْ تَسْبِيحَهُ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ اَلْمِلْحُ فِي اَلْمَاءِ». وَ قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «لَقَدْ أَعْطَى اَللَّهُ هَذِهِ اَلْأُمَّةَ سُورَتَيْنِ، مَنْ قَرَأَهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ وَ قَبْلَ غُرُوبِهَا وَلَّى عَنْهُ إِبْلِيسُ ، وَ اِنْصَرَفَ وَ لَهُ نَبِيحٌ كَنَبِيحِ اَلْكِلاَبِ، وَ هُمَا اَلْمُعَوِّذَتَانِ ». و قال ابن عبّاس : لما نزلت: قُلْ هُوَ اَللّٰهُ أَحَدٌ 
قال جبرئيل : يا محمد ، لا تخف على أمتك منذ نزلت هذه السورة الشريفة. يا محمد ، ما من أحد من أمتك يقرأها موقنا بثوابها، إلاّ دخل الجنة. يا محمد ، من قرأها كان بينه و بين الشياطين حجاب. يا محمد ، من قرأها أمن من الخسف و المسخ و الغرق و الرجف. قال: فلما اعطي كل واحد منهم ما سأل، نظر آدم (عليه السلام) إلى الحية، فقال: «يا ربّ، هذه اللعينة التي أعانت عدوي، فبماذا أتقوى عليها إذا أهبطتها إلى الأرض؟». فنودي: «يا آدم ، إني جعلت مسكنها الظلمات، و طعامها التراب، فلا أمانة لها، فإذا رأيتها فاشدخ رأسها». قال ابن عبّاس : لولا قعود إبليس ما بين نابيها ما كان لها سم، فاقتلوها حيث وجدتموها، و قال: رحم اللّه من قتل حية، و قيل للطاوس: «مسكنك أطراف الدنيا، و رزقك ما أنبتت الأرض، و القي عليك المحبة في قلوب بني آدم».











