شناسه حدیث :  ۳۶۰۲۲۹   |   نشانی :  تنبيه الخواطر و نزهة النواظر (مجموعة ورّام)  ,  جلد۱  ,  صفحه۱۴۲   عنوان باب :   الجزء الأول باب ذم الدنيا قائل :   غير معصوم
وَ كَتَبَ اَلْحَسَنُ اَلْبَصْرِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَلدُّنْيَا دَارُ ظَعْنٍ وَ لَيْسَتْ بِدَارِ إِقَامَةٍ وَ إِنَّمَا أُنْزِلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَيْهَا عُقُوبَةً فَاحْذَرْهَا يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ اَلزَّادَ مِنْهَا تَرْكُهَا وَ اَلْغِنَى مِنْهَا فَقْرُهَا لَهَا فِي كُلِّ حِينٍ قَتِيلٌ تُذِلُّ مَنْ أَعَزَّهَا وَ تُفْقِرُ مَنْ جَمَعَهَا هِيَ كَالسَّمِّ يَأْكُلُهُ مَنْ لاَ يَعْرِفُهُ وَ هُوَ حَتْفُهُ فَكُنْ فِيهَا كَالْمُدَاوِي جِرَاحَتَهُ يَحْتَمِي قَلِيلاً مَخَافَةَ مَا يَكْرَهُ طَوِيلاً وَ يَصْبِرُ عَلَى شِدَّةِ اَلدَّوَاءِ مَخَافَةَ طُولِ اَلْبَلاَءِ فَاحْذَرْ هَذِهِ اَلدَّارَ اَلْغَدَّارَةَ اَلْخَتَّالَةَ اَلْخَدَّاعَةَ اَلَّتِي قَدْ تَزَيَّنَتْ بِخُدَعِهَا وَ قَتَلَتْ بِغُرُورِهَا وَ خَتَلَتْ بِآمَالِهَا وَ شَوَّقَتْ لِخُطَّابِهَا فَأَصْبَحَتْ كَالْعَرُوسِ اَلْمُتَحَلِّيَةِ اَلْجَمِيلَةِ فَالْعُيُونُ إِلَيْهَا نَاظِرَةٌ وَ اَلْقُلُوبُ عَلَيْهَا وَالِهَةٌ وَ اَلنُّفُوسُ لَهَا عَاشِقَةٌ وَ هِيَ لِأَزْوَاجِهَا كُلِّهِمْ قَاتِلَةٌ فَلاَ اَلْبَاقِي بِالْمَاضي مُعْتَبِرٌ وَ لاَ اَلْآخَرُ عَلَى اَلْأَوَّلِ مُزْدَجِرٌ وَ لاَ اَلْعَارِفُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حِينَ أَخْبَرَهُ عَنْهَا مُدَّكِرٌ فَعَاشِقٌ لَهَا قَدْ ظَفِرَ مِنْهَا بِحَاجَتِهِ فَاغْتَرَّ وَ طَغَى وَ نَسِيَ اَلْمَعَادَ وَ اِشْتَغَلَ بِهَا لُبُّهُ حَتَّى زَلَّتْ عَنْهَا قَدَمُهُ فَعَظُمَتْ نَدَامَتُهُ وَ كَثُرَتْ حَسْرَتُهُ وَ اِجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ سَكَرَاتُ اَلْمَوْتِ بِأَلَمِهَا وَ حَسَرَاتُ اَلْفَوْتِ بِغُصَّتِهَا وَ مَنْ رَغِبَ فِيهَا لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا مَا طَلَبَ وَ لَمْ يُرِحْ نَفْسَهُ مِنَ اَلتَّعَبِ فَخَرَجَ بِغَيْرِ زَادٍ وَ قَدِمَ عَلَى غَيْرِ مِهَادٍ فَاحْذَرْهَا وَ كُنْ آنَسَ مَا تَكُونُ فِيهَا أَحْذَرَ مَا تَكُونُ مِنْهَا فَإِنَّ صَاحِبَ اَلدُّنْيَا كُلَّمَا اِطْمَأَنَّ مِنْهَا إِلَى سُرُورٍ أَشْخَصَتْهُ مِنْهُ إِلَى مَكْرُوهٍ وَ اَلسَّارُّ فِيهَا لِأَهْلِهَا غَارٌّ وَ اَلنَّافِعُ مِنْهَا غَداً ضَارٌّ وَ قَدْ وَصَلَ اَلرَّخَاءُ مِنْهَا فِي اَلْبَلاَءِ وَ جُعِلَ اَلْبَقَاءُ فِيهَا إِلَى اَلْفَنَاءِ فَسُرُورُهَا مَشُوبٌ بِالْأَحْزَانِ لاَ يَرْجِعُ مِنْهَا مَا وَلَّى وَ أَدْبَرَ وَ لاَ يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ فَيُنْتَظَرَ أَيَّامُهَا كَاذِبَةٌ وَ آمَالُهَا بَاطِلَةٌ وَ صَفْوُهَا كَدِرٌ وَ عَيْشُهَا نَكِدٌ وَ اِبْنُ آدَمَ فِيهَا عَلَى خَطَرٍ وَ إِنْ عَقَلَ فَنَظَرَ وَ هُوَ مِنَ اَلنَّعْمَاءِ عَلَى خَطَرٍ وَ مِنَ اَلْبَلاَءِ عَلَى حَذَرٍ فَلَوْ كَانَ اَلْخَالِقُ لَمْ يُخْبِرْ عَنْهَا خَبَراً وَ لَمْ يَضْرِبْ لَهَا مَثَلاً لَكَانَتِ اَلدُّنْيَا قَدْ أَيْقَظَتِ اَلنَّائِمَ وَ نَبَّهَتِ اَلْغَافِلَ فَكَيْفَ وَ قَدْ جَاءَ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ زَاجِرٌ وَ فِيهَا وَاعِظٌ فَمَا لَهَا عِنْدَ اَللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْرٌ وَ مَا نَظَرَ إِلَيْهَا مُنْذُ خَلَقَهَا وَ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَى نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِمَفَاتِيحِهَا وَ خَزَائِنِهَا لاَ يَنْقُصُهُ عِنْدَ اَللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَ كَرِهَ أَنْ يُخَالِفَ عَلَى اَللَّهِ أَمْرَهُ أَوْ يُحِبَّ مَا أَبْغَضَ خَالِقُهُ أَوْ يَرْفَعَ مَا وَضَعَ مَلِيكُهُ فَزَوَاهَا عَنِ اَلصَّالِحِينَ اِخْتِيَاراً وَ بَسَطَهَا لِأَعْدَائِهِ اِغْتِرَاراً أَ فَيَظُنُّ اَلْمَغْرُورُ بِهَا اَلْمُقْتَدِرُ عَلَيْهَا أَنَّهُ أُكْرِمَ بِهَا وَ نَسِيَ مَا صَنَعَ اَللَّهُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حِينَ شَدَّ اَلْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ وَ لَقَدْ جَاءَتِ اَلرِّوَايَةُ عَنْهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذَا رَأَيْتَ اَلْغِنَى مُقْبِلاً فَقُلْ ذَنْبٌ عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ وَ إِذَا رَأَيْتَ اَلْفَقْرَ مُقْبِلاً فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ اَلصَّالِحِينَ وَ إِنْ شِئْتَ اِقْتَدَيْتَ بِصَاحِبِ اَلرُّوحِ وَ اَلْكَلِمَةِ اِبْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَقُولُ إِدَامِيَ اَلْجُوعُ وَ شِعَارِيَ اَلْخَوْفُ وَ لِبَاسِيَ اَلصُّوفُ وَ صِلاَئِي فِي اَلشِّتَاءِ مَشَارِقُ اَلشَّمْسِ وَ سِرَاجِيَ اَلْقَمَرُ وَ دَابَّتِي رِجْلاَيَ وَ طَعَامِي وَ فَاكِهَتِي مَا أَنْبَتَتِ اَلْأَرْضُ أَبِيتُ وَ لَيْسَ لِي شَيْءٌ وَ أُصْبِحُ وَ لَيْسَ لِي شَيْءٌ وَ لَيْسَ عَلَى اَلْأَرْضِ أَحَدٌ أَغْنَى مِنِّي .