المسترشد
ج۱ ص۴۰۸
شناسه حدیث :
۳۸۷۵۹۸
|
نشانی :
المسترشد في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام , جلد۱ , صفحه۴۰۸
عنوان باب :
باب: الرّد على من قال: لم قعد عليّ بن أبي طالب عن طلب حقّه؟!
مناشدته عليه السلام مع الخوارج
معصوم :
امیرالمؤمنین (علیه السلام) ، پيامبر اکرم (صلی الله علیه و آله)
وَ رَوَى
اَلشَّعْبِيُّ
، عَنْ
شُرَيْحِ بْنِ هَانِي
قَالَ:
خَطَبَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ
بَعْدَ مَا اُفْتُتِحَتْ
مِصْرُ
، ثُمَّ قَالَ: وَ إِنِّي مُخْرِجٌ إِلَيْكُمْ كِتَاباً، وَ كَتَبَ: «
بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ
» مِنْ عَبْدِ اَللَّهِ
عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ
إِلَى مَنْ قَرَأَ كِتَابِي مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ
اَلْمُسْلِمِينَ
: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اَللَّهَ بَعَثَ
مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
بَشِيراً وَ نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ وَ أَمِيناً عَلَى
اَلتَّنْزِيلِ،
وَ شَهِيداً عَلَى اَلْأُمَّةِ، وَ كُنْتُمْ يَا مَعْشَرَ
اَلْعَرَبِ
عَلَى شَرِّ دِينٍ تَنْحِتُون فِي حِجَارَةٍ خَشِنٍ مِنْ صَفَاةٍ صُمٍّ، وَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ، وَ تَقْتُلُونَ أَوْلاَدَكُمْ وَ تَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ، وَ تَأْكُلُونَ «
أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ
»، سُبُلُكُمْ خَائِفَةٌ، وَ اَلْأَصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ ؛ فَمَنَّ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْكُمْ
بِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
وَ بَعَثَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولاً، فَقَالَ: «
هُوَ اَلَّذِي بَعَثَ فِي اَلْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيٰاتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتٰابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ إِنْ كٰانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ
» . فَكَانَ
اَلرَّسُولُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
إِلَيْكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ بِلِسَانِكُمْ، فَعَلَّمَكُمُ
اَلْكِتَابَ
وَ اَلْحِكْمَةَ وَ اَلْفَرَائِضَ، وَ أَمَرَكُمْ بِصِلَةِ أَرْحَامِكُمْ، وَ حِصْنِ دِمَائِكُمْ وَ أَدَاءِ اَلْأَمَانَةِ إِلَى أَهْلِهَا، وَ نَهَاكُمْ عَنِ اَلنَّجَاسَةِ، وَ أَمَرَكُمْ بِكُلِّ خَيْرٍ يُدْنِي إِلَى
اَلْجَنَّةِ
وَ يُبَاعِدُ مِنَ
اَلنَّارِ
، فَلَمَّا اِسْتَكْمَلَ مُدَّتَهُ مِنَ اَلدُّنْيَا تَوَفَّاهُ اَللَّهُ حَمِيداً سَعِيداً مَرْضِيّاً عِلْمُهُ ، مَشْكُوراً سَعْيُهُ، فَيَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ، خُصَّتِ اَلْأَقْرَبِينَ، وَ عَمَّتْ جَمِيعَ
اَلْمُسْلِمِينَ
؛ فَلَمَّا مَضَى لِسَبِيلِهِ، تَرَكَ
كِتَابَ اَللَّهِ
وَ
أَهْلَ بَيْتِهِ
إِمَامَيْنِ لاَ يَخْتَلِفَانِ، وَ أَخَوَيْنِ لاَ يَتَخَاذَلاَنِ، وَ مُجْتَمِعَيْنِ لاَ يَفْتَرِقَانِ، قَدْ كُنْتُ أَوْلَى اَلنَّاسِ بِهِ مِنِّي بِقَمِيصِي، فَسَارَعَ
اَلْمُسْلِمُونَ
بَعْدَهُ، فَوَ اَللَّهِ مَا كَانَ يُلْقَى فِي رُوعِي، وَ لاَ يَخْطُرُ عَلَى بَالِي!! أَنَّ
اَلْعَرَبَ
تَعْدِلُ هَذَا اَلْأَمْرَ بَعْدَ
مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
عَنِّي، فَلَمَّا أَبْطَئُوا بِالْوِلاَيَةِ عَلَيَّ، وَ هَمُّوا بِإِزَالَتِهَا عَنِّي، وَ ثَبَتَ
اَلْأَنْصَارُ
وَ هُمْ كَتِيبَةُ
اَلْإِسْلاَمِ
، فَقَالَتْ: إِذَا لَمْ تُسْلِمُوهَا
لِعَلِيٍّ
فَصَاحِبُنَا
سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ
أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ!. فَوَ اَللَّهِ مَا أَدْرِي إِلَى مَنْ أَشْكُو؟ إِمَّا أَنْ تَكُونَ
اَلْأَنْصَارُ
ظُلِمَتْ حَقَّهَا، وَ إِمَّا أَنْ يَكُونُوا ظَلَمُونِي بَلْ حَقِّي اَلْمَأْخُوذُ، وَ أَنَا اَلْمَظْلُومُ.!. وَ قَالَ قَائِلٌ مِنَ اَلْقَوْمِ: إِنَّ
رَسُولَ اَللَّهِ
اِسْتَخْلَفَ
أَبَا بَكْرٍ
فِي حَيَاتِهِ، لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَ اَلصَّلاَةُ هِيَ اَلْإِمَامَةُ؛ فَعَلاَمَ اَلْمَشُورَةُ فِيهِ إِنْ كَانَ
رَسُولُ اَللَّهِ
اِسْتَخْلَفَهُ؟! فَأَتَى رَهْطٌ مِنْ
أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ]
يَعْرِضُونَ عَلَيَّ اَلنُّصْرَةَ. مِنْهُمْ
خَالِدٌ،
وَ
أَبَانٌ
اِبْنَا
سَعِيدِ بْنِ اَلْعَاصِ
، وَ
اَلْمِقْدَادُ بْنُ اَلْأَسْوَدِ اَلْكِنْدِيُّ
وَ
أَبُو ذَرٍّ اَلْغِفَارِيُّ
، وَ
عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ
، وَ
سَلْمَانُ اَلْفَارِسِيُّ،
وَ
اَلزُّبَيْرُ بْنُ اَلْعَوَّامِ
، وَ
أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ،
وَ
اَلْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ اَلْأَنْصَارِيُّ،
فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ
نَبِيِّ اَللَّهِ
اَلْعَهْدَ وَ لَهُ اَلْوَصِيَّةُ، وَ لَيْسَ لِي أَنْ أُخَالِفَهُ، وَ لَسْتُ أُجَاوِزُ أَمْرَهُ، وَ مَا أَخَذَهُ عَلَيَّ اَللَّهُ، لَوْ خَزَمُوا أَنْفِي لَأَقْرَرْتُ سَمْعاً وَ طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ قِيلَ: قَدِ اِنْثَالَ اَلنَّاسُ عَلَى
أَبِي بَكْرٍ
وَ أَجْفَلُوا عَلَيْهِ لِيُبَايِعُوهُ، وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ جَيْشِ
أُسَامَةَ
، إِذْ كَانَ
اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
قَدْ أَمَّرَهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَ قَدْ كَانَ أَمَرَ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشَ
أُسَامَةَ
، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ تَخَلَّفَ وَ طَمِعَ فِي اَلْإِمَارَةِ، وَ رَأَيْتُ اِنْثِيَالَ اَلنَّاسِ عَلَيْهِ أَمْسَكْتُ يَدِي، وَ رَأَيْتُ أَنِّي أَحَقُّ بِمَقَامِ
مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
فِي اَلنَّاسِ مِمَّنْ قَدْ رَفَضَ نَفْسَهُ، فَلَبِثْتُ مَا شَاءَ اَللَّهُ حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةً مِنَ اَلنَّاسِ رَجَعَتْ عَنِ
اَلْإِسْلاَمِ
وَ أَظْهَرَتْ ذَلِكَ يَدْعُونَ إِلَى مَحْوِ دِينِ اَللَّهِ، وَ تَغْيِيرِ مِلَّةِ
مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ
اَلْإِسْلاَمَ
وَ قَعَدْتُ، أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماً وَ هَدْماً، تَكُونُ مُصِيبَتُهُ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلاَيَةِ أُمُورِكُمُ اَلَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّامٍ قَلاَئِلَ، ثُمَّ يَزُولُ مَا كَانَ مِنْهَا كَمَا يَزُولُ اَلسَّرَابُ، وَ يَنْقَشِعُ كَمَا يَنْقَشِعُ اَلسَّحَابُ؛ وَ رَأَيْتُ اَلنَّاسَ قَدِ اِمْتَنَعُوا بِقُعُودِي عَنِ اَلْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ، فَمَشَيْتُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى
أَبِي بَكْرٍ
فَتَأَلَّفْتُهُ، وَ لَوْ لاَ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ لَبَادَ
اَلْإِسْلاَمُ،
ثُمَّ نَهَضْتُ فِي تِلْكَ اَلْأَحْدَاثِ حَتَّى أَنَاخَ اَلْبَاطِلُ، وَ كَانَتْ «
كَلِمَةُ اَللّٰهِ هِيَ اَلْعُلْيٰا
» ... «
وَ لَوْ كَرِهَ
اَلْمُشْرِكُونَ
» ثُمَّ إِنَّ
سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ
، لَمَّا رَأَى اَلنَّاسَ يُبَايِعُونَ
أَبَا بَكْرٍ
، نَادَى: وَ اَللَّهِ مَا أَرَدْتُهَا حَتَّى صَرَفْتُ عَنْ
عَلِيٍّ،
وَ لاَ أُبَايِعُكُمْ أَبَداً حَتَّى يُبَايِعَكُمْ
عَلِيٌّ،
وَ لَعَلِّي لاَ أَفْعَلُ وَ إِنْ بَايَعَ، وَ أَحْبَبْتُ أَنْ أَقْطَعَ قَوْلَ
سَعْدٍ
فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَ أَتَى
حَوْرَانَ
، وَ أَقَامَ فِي
غَسَّانَ
حَتَّى هَلَكَ، وَ أَبَى أَنْ يُبَايِعَ. وَ قَامَ
فَرْوَةُ بْنُ عُمَرَ اَلْأَنْصَارِيُّ
، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ
هَلْ فِيكُمْ رَجُلٌ تَحِلُّ لَهُ اَلْخِلاَفَةُ، أَوْ يُقْبَلَ فِي اَلشُّورَى فِيهِ مَا فِي
عَلِيٍّ
؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: فَهَلْ فى
عَلِيٍّ
مَا لَيْسَ فى أَحَدٍ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ!، قَالَ: فَمَا صَدَّكُمْ عَنْهُ؟! قَالُوا: اِجْتِمَاعُ اَلنَّاسِ عَلَى
أَبِي بَكْرٍ
؟! قَالَ: أَمَا وَ اَللَّهِ لَئِنْ كُنْتُمْ أَصَبْتُمْ أَسِنَّتَكُمْ لَقَدْ أَخْطَأْتُمْ سُنَنَكُمْ، فَلَوْ جَعَلْتُمُوهَا فِي
عَلِيٍّ
لَأَكَلْتُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ؛ فَتَوَلَّى
أَبُو بَكْرٍ
فَصَحِبْتُهُ وَ اَللَّهِ مُنَاصِحاً، وَ أَطَعْتُهُ فِيمَا أَطَاعَ اَللَّهَ، جَاهَدَ وَ مَا طَمِعْتُ أَنْ لَوْ حَدَثَ بِهِ حَادِثٌ وَ أَنَا حَيٌّ أَنْ يَرُدَّ اَلْأَمْرَ اَلَّذِي نَازَعْتُهُ فِيهِ إِلَى طَمَعٍ مُسْتَيْقِنٍ، وَ لاَ يَئِسْتُ مِنْهُ يَأْسَ مَنْ لاَ يَرْجُوهُ، وَ لَوْ لاَ خَاصَّةُ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ
عُمَرَ
، وَ أَمْرٌ قَدْ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا، لَظَنَنْتُ أَنَّهُ لاَ يَدْفَعُهَا عَنِّي هَذَا، وَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ
اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ )
لِبُرَيْدَةَ اَلْأَسْلَمِيِّ
، وَ ذَلِكَ : أَنَّ
اَلنَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
بَعَثَنِي وَ
خَالِدَ بْنَ اَلْوَلِيدِ
إِلَى
اَلْيَمَنِ
فَقَالَ: إِذَا تَفَرَّقْتُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَمِيرٌ عَلَى حِيَالِهِ، وَ إِذَا اِجْتَمَعْتُمَا فَأَنْتَ يَا
عَلِيُّ
أَمِيرٌ عَلَى
خَالِدٍ
، فَأَغَرْنَا عَلَى أَبْيَاتٍ، وَ سَبَيْنَا فِيهِمْ
خَوْلَةَ بِنْتَ جَعْفَرٍ جَانَّ اَلصَّفَا
، وَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ
جَانَّ اَلصَّفَا
لِحُسْنِهَا، فَأَخَذْتُ
خَوْلَةَ
وَ اِغْتَنَمَهَا
خَالِدٌ
مِنِّي! وَ بَعَثَ
بُرَيْدَةَ اَلْأَسْلَمِيَّ
إِلَى
رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنِّي وَ مِنْ أَخْذِي
خَوْلَةَ
، فَقَالَ لَهُ
اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
: حَظُّهُ فِي اَلْخُمُسِ أَكْثَرُ مِمَّا أَخَذَ، إِنَّهُ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي، وَ يَسْمَعُهَا
أَبُو بَكْرٍ
وَ
عُمَرُ
!. وَ هَذَا
بُرَيْدَةُ
لَمْ يَمُتْ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا مَقَالٌ لِقَائِلٍ؟!، فَلَمَّا اُحْتُضِرَ بَعَثَ إِلَى
عُمَرَ
فَوَلاَّهُ، فَسَمِعْتُ وَ أَطَعْتُ، وَ نَاصَحْتُ لِلدِّينِ، وَ تَوَلَّى
عُمَرُ
تِلْكَ اَلْأُمُورَ، وَ كَانَ مَرَضِيَّ اَلسِّيرَةِ، مَيْمُونَ اَلنَّقِيبَةِ عِنْدَهُمْ، حَتَّى إِذَا اُحْتُضِرَ، قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَنْ يَعْدِلَهَا عَنِّي، فَجَعَلَنِي سَادِسَ سِتَّةٍ ، وَ أَمَرَ
صُهَيْباً
أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ! وَ دَعَا
أَبَا طَلْحَةَ زَيْدَ بْنَ سَهْلٍ اَلْأَنْصَارِيَّ
، فَقَالَ: كُنْ فِي خَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِكَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى أَنْ يَرْضَى مِنْ هَؤُلاَءِ اَلسِّتَّةِ،! فَكَيْفَ قَالَ: قُبِضَ
رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
وَ هُوَ عَنْ هَؤُلاَءِ اَلسِّتَّةِ رَاضٍ، وَ قَالَ: فِي حَالَةٍ: اُقْتُلْ مَنْ أَبَى مِنْهُمْ وَ هُمْ عِنْدَهُ مِمَّنْ قَدْ رَضِيَ اَللَّهُ وَ
رَسُولُهُ
عَنْهُمْ، إِنَّ ذَلِكَ لَمِنَ اَلْعَجَبِ!! ثُمَّ اِجْتَمَعُوا فَمَا كَانُوا لِوِلاَيَةِ أَحَدٍ أَشَدَّ كَرَاهِيَةٍ مِنْهُمْ لِوِلاَيَتِي عَلَيْهِمْ، فَكَانُوا يَسْمَعُونِّي أُحَاجُّ
أَبَا بَكْرٍ
فَأَقُولُ: يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ
إِنَّا
أَهْلَ اَلْبَيْتِ
أَحَقُّ بِهَذَا اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ مَا كَانَ فِينَا مَنْ يَقْرَأُ
اَلْقُرْآنَ،
وَ يَعْرِفُ اَلسُّنَّةَ وَ يَدِينُ بِدِينِ اَلْحَقِّ، فَخَشِيَ اَلْقَوْمُ إِنْ أَنَا وُلِّيتُ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَكُونَ لَهُمْ فِي اَلْأَمْرِ نَصِيبٌ مَا بَقُوا، وَ أَخَذُوا بِأَنْفَاسِهِمْ، وَ اِعْتَرَضَ فِي حُلُوقِهِمْ، فَأَجْمَعُوا إِجْمَاعاً وَاحِداً، فَصَرَفُوا اَلْوِلاَيَةَ عَنِّي إِلَى
عُثْمَانَ
وَ أَخْرَجُونِي مِنَ اَلْإِمْرَةِ عَلَيْهِمْ! رَجَاءَ أَنْ يَنَالُوهَا وَ يَتَدَاوَلُوهَا، ثُمَّ قَالُوا هَلُمَّ فَبَايِعْ وَ إِلاَّ جَاهَدْنَاكَ!!. فَبَايَعْتُ مُسْتَكْرَهاً، وَ صَبَرْتُ مُحْتَسِباً، فَقَالَ
عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ
: يَا
اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ
إِنَّكَ عَلَى هَذَا اَلْأَمْرِ لَحَرِيصٌ، قُلْتُ: حِرْصِي عَلَى أَنْ يَرْجِعَ حَقِّي فِي عَافِيَةٍ، وَ لاَ يَجُوزُ لِي عَنْهُ اَلسُّكُوتُ لِإِثْبَاتِ اَلْحُجَّةِ عَلَيْكُمْ، وَ أَنْتُمْ حَرَصْتُمْ عَلَى دُنْيَا تَبِيدُ، فَإِنِّي قَدْ جَعَلَنِيَ اَللَّهُ وَ
رَسُولُهُ
أَوْلَى بِهِ مِنْكُمْ، وَ أَنْتُمْ تَصْرِفُونَ وَجْهِي دُونَهُ، وَ تَحُولُونَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ، فَبُهِتُوا، «
وَ اَللّٰهُ لاٰ يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلظّٰالِمِينَ
» اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى
قُرَيْشٍ،
فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي، أَضَاعُوا سُنَّتِي، وَ صَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِي، وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي، أَمْراً كُنْتُ أَوْلَى اَلنَّاسِ بِهِ مِنْهُمْ فَسَلَبُونِيهِ، ثُمَّ قَالُوا: أَلاَ إِنَّ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَهُ فَاصْبِرْ كَمَداً أَوْ مِتْ مُتَأَسِّفاً حَنَقاً، وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَوْ اِسْتَطَاعُوا أَنْ يَدْفَعُوا قَرَابَتِي كَمَا قَطَعُوا سُنَّتِي لَفَعَلُوا ، وَ لَكِنْ لَمْ يَجِدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، وَ كَانَ
نَبِيُّ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
عَهِدَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا
اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ
لَكَ وَلاَيَةُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي فَإِنْ وَلَّوْكَ فِي عَافِيَةٍ وَ اِجْتَمَعُوا عَلَيْكَ بِالرِّضَا فَقُمْ بِأَمْرِهِمْ، وَ إِنِ اِخْتَلَفُوا عَلَيْكَ فَدَعْهُمْ وَ مَا هُمْ فِيهِ، فَإِنَّ اَللَّهَ سَيَجْعَلُ لَكَ مَخْرَجاً. فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ مَعِي رَافِدٌ وَ لاَ ذَابٌّ، وَ لاَ مُسَاعِدٌ إِلاَّ أَهْلُ بَيْتِي فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَلَى اَلْمَوْتِ وَ اَلْهَلاَكِ وَ لَوْ كَانَ بِهِمْ
حَمْزَةُ
أَوْ أَخِي
جَعْفَرٌ
، مَا بَايَعْتُ كُرْهاً، فَأَغْضَيْتُ عَلَى اَلْقَذَى وَ تَجَرَّعْتُ اَلشَّجَى، وَ صَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ اَلْغَيْظِ عَلَى أَمَرَّ مِنَ اَلْعَلْقَمِ وَ آلَمَ القلوب [لِلْقُلُوبِ] مِنْ حَزِّ اَلشِّفَارِ، . ثُمَّ تَفَاقَمَتِ اَلْأُمُورُ، فَمَا زَالَتْ تَجْرِي عَلَى غَيْرِ جِهَتِهَا، فَصَبَرْتُ عَلَيْكُمْ حَتَّى إِذَا نَقَمْتُمْ عَلَى
عُثْمَانَ
أَنَّبْتُمُوهُ فَقَتَلْتُمُوهُ، خَذَلَهُ
أَهْلُ
بَدْرٍ
، وَ قَتَلَهُ
أَهْلُ
مِصْرَ
، مَا أَمَرْتُ وَ لاَ نَهَيْتُ عَنْهُ، وَ لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلاً، وَ لَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَصِرْتُ نَاصِراً. ثُمَّ جِئْتُمُونِي لِتُبَايِعُونِي فَأَبَيْتُ عَلَيْكُمْ فَأَمْسَكْتُ يَدِي فَنَازَعْتُمُونِي وَ رَافَعْتُمُونِي، وَ بَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا، وَ مَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا، ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ تَدَاكُكَ اَلْهِيمِ عَلَى حِيَاضِهَا يَوْمَ وُرُودِهَا، وَ اِزْدَحَمْتُمْ عَلَيَّ [حَتَّى] ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ قَاتِلٌ بَعْضاً، وَ أَنَّكُمْ قَاتِلِيَّ حَتَّى اِنْقَطَعَ اَلنَّعْلُ وَ سَقَطَ اَلرِّدَاءُ، وَ وُطِئَ اَلضَّعِيفُ، وَ بَلَغَ مِنْ سُرُورِ اَلنَّاسِ بَيْعَتَهُمْ إِيَّايَ أَنْ حُمِلَ إِلَيْهَا اَلصَّغِيرُ وَ خَرَجَ إِلَيْهَا اَلْكَبِيرُ، وَ تَحَامَلَ إِلَيْهَا اَلْعَلِيلُ وَ حَسِرَتْ إِلَيْهَا
اَلْكُفَّارُ
، فَقُلْتُمْ بَايِعْنَا لاَ نَجِدُ غَيْرَكَ وَ لاَ نَرْضَى إِلاَّ بِكَ، فَبَايِعْنَا لاَ نَتَفَرَّقُ وَ (لاَ) نَخْتَلِفُ، فَبَايَعْتُكُمْ عَلَى
كِتَابِ اَللَّهِ
وَ سُنَّةِ
نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
وَ دَعَوْتُ اَلنَّاسَ إِلَى بَيْعَتِي، فَمَنْ بَايَعَنِي طَائِعاً قَبِلْتُ مِنْهُ وَ مَنْ أَبَى تَرَكْتُهُ، فَبَايَعَنِي فِيمَنْ بَايَعَنِي
طَلْحَةُ
وَ
اَلزُّبَيْرُ
، وَ لَوْ أَبَيَا مَا أَكْرَهْتُهُمَا كَمَا لَمْ أُكْرِهْ غَيْرَهُمَا، وَ كَانَ
طَلْحَةُ
يَرْجُو
اَلْيَمَنَ،
وَ
اَلزُّبَيْرُ
يَرْجُو
اَلْعِرَاقَ
، فَلَمَّا عَلِمَا أَنِّي غَيْرُ مُوَلِّيهِمَا، اِسْتَأْذَنَا فِي اَلْعُمْرَةِ، يُرِيدَانِ اَلْغَدْرَةَ، فَأَتَيَا
عَائِشَةَ
فَاسْتَخَفَّاهَا مَعَ شَيْءٍ كَانَ فِي نَفْسِهَا عَلَيَّ؛ وَ اَلنِّسَاءُ نَوَاقِصُ اَلْعُقُولِ، نَوَاقِصُ اَلْإِيمَانِ، نَوَاقِصُ اَلْحُظُوظِ، فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ اَلصَّلاَةِ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ، وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَلاَ شَهَادَةَ لَهُنَّ إِلاَّ فِي اَلدَّيْنِ وَ شَهَادَةُ اِمْرَأَتَيْنِ بِرَجُلٍ، وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى اَلْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ اَلرِّجَالِ. وَ قَادَهُمَا
عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عَامِرٍ
إِلَى
اَلْبَصْرَةِ،
وَ ضَمِنَ لَهُمَا اَلْأَمْوَالَ وَ اَلرِّجَالَ، فَبَيْنَا هُمَا يَقُودَانِهَا إِذَا هِيَ تَقُودُهُمَا، فَاتَّخَذَاهَا دَرِيئَةً يُقَاتِلاَنِ بِهَا وَ إِلَى خَطِيئَةٍ أَعْظَمَ مِمَّا أَتَيَا أَخْرَجَا أُمَّهُمَا زَوْجَةَ
رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
وَ كَشَفَا عَنْهَا حِجَاباً سَتَرَهُ اَللَّهُ جَلَّ اِسْمُهُ عَلَيْهَا، وَ صَانَا حَلاَئِلَهُمَا مَا أَنْصَفَا اَللَّهَ وَ لاَ
رَسُولَهُ
فَأَصَابُوا ثَلاَثَ خِصَالٍ مِنْ حَقِّهَا عَلَى مَنْ فَعَلَهَا مِنَ اَلنَّاسِ فِي
كِتَابِ اَللَّهِ
عَزَّ وَ جَلَّ، اَلْبَغْيَ وَ اَلنَّكْثَ وَ اَلْمَكْرَ، قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: «
يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ إِنَّمٰا بَغْيُكُمْ عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ
» وَ قَالَ تَعَالَى: «
فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمٰا يَنْكُثُ عَلىٰ نَفْسِهِ
» وَ قَالَ تَعَالَى: «
وَ لاٰ يَحِيقُ اَلْمَكْرُ اَلسَّيِّئُ إِلاّٰ بِأَهْلِهِ
» . فَقَدْ وَ اَللَّهِ بَغَيَا عَلَيَّ وَ نَكَثَا بَيْعَتِي، وَ غَدَرَا بِي، إِنِّي مُنِيتُ بِأَرْبَعَةٍ مَا مُنِيَ أَحَدٌ بِمِثْلِهِنَّ، مُنِيتُ بِأَطْوَعِ اَلنَّاسِ فِي اَلنَّاسِ،
عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ
وَ بِأَشْجَعِ اَلنَّاسِ
اَلزُّبَيْرِ بْنِ اَلْعَوَّامِ،
وَ بِأَخْصَمِ اَلنَّاسِ
طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اَللَّهِ،
وَ بِأَكْثَرِ اَلنَّاسِ مَالاً
يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ اَلتَّمِيمِيِّ
، أَعَانَ عَلَيَّ بِأَصْوَاعِ اَلدَّنَانِيرِ، وَ اَللَّهِ لَئِنِ اِسْتَقَامَ هَذَا اَلْأَمْرُ لَأَجْعَلَنَّ مَالَهُ وَ وُلْدَهُ فَيْئاً
لِلْمُسْلِمِينَ
، فَأَتَيَا
اَلْبَصْرَةَ
وَ أَهْلُهَا مُجْتَمِعُونَ عَلَى طَاعَتِي وَ بَيْعَتِي، وَ بِهَا
شِيعَتِي
وَ خُزَّانُ بَيْتِ مَالِ
اَلْمُسْلِمِينَ
، فَدَعَوُا اَلنَّاسَ إِلَى مَعْصِيَتِي، وَ إِلَى نَقْضِ بَيْعَتِي فَمَنْ أَطَاعَهُمْ أَكْفَرُوهُ وَ مَنْ عَصَاهُمْ قَتَلُوهُ، فَثَارَ بِهِمْ
حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ اَلْعَبْدِيُّ
فِي سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ عُبَّادِ
أَهْلِ
اَلْبَصْرَةِ
وَ كَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْحَابَ اَلثَّفِنَاتِ كَأَنَّ جَبَهَاتِهِمْ مِثْلُ ثَفِنَاتِ اَلْإِبِلِ، وَ أَبَى أَنْ يُبَايِعَهُمَا
يَزِيدُ بْنُ اَلْحَرْثِ اَلْيَشْكُرِيُّ
وَ هُوَ شَيْخُ
أَهْلِ
اَلْبَصْرَةِ
يَوْمَئِذٍ وَ قَالَ: اِتَّقِيَا اَللَّهَ، إِنَّ أَوَّلَكُمَا قَادَنَا إِلَى
اَلْجَنَّةِ
فَلاَ يَقُودُنَا آخِرُكُمَا إِلَى
اَلنَّارِ
؛ أَمَّا يَمِينِي فَشَغَلَهَا عَنِّي
عَلِيُّ [بْنُ أَبِي طَالِبٍ] (عَلَيْهِ السَّلاَمُ)
بِبَيْعَتِي إِيَّاهُ وَ أَمَّا شِمَالِي فَهَذِهِ خُذَاهَا فَارِغَةً إِنْ شِئْتُمَا!، فَخُنِقَ حَتَّى مَاتَ. وَ قَامَ
عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ اَلتَّمِيمِيُّ
، فَقَالَ: يَا
طَلْحَةُ
تَعْرِفُ هَذَا اَلْكِتَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ هَذَا كِتَابِي إِلَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا فِيهِ؟ قَالَ: اِقْرَأْهُ عَلَيَّ، فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ عَيْبُ
عُثْمَانَ
وَ دُعَاؤُهُ إِلَى قَتْلِهِ، ثُمَّ أَخَذَا عَامِلِي
عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ
أَمِيرَ
اَلْأَنْصَارِ
فَمَثَّلاَ بِهِ، وَ نَتَفَا كُلَّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِهِ وَ وَجْهِهِ، وَ قَتَلاَ
شِيعَتِي
، طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةً غَدْراً، جَالَدُوا بِالسُّيُوفِ حَتَّى لَقُوا اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ صَادِقِينَ، فَوَ اَللَّهِ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنْهُمْ إِلاَّ رَجُلاً وَاحِداً مُتَعَمِّدِينَ بِقَتْلِهِ لَحَلَّ لِي قِتَالُهُمْ وَ قَتْلُ ذَلِكَ اَلْجَيْشِ كُلِّهِ؛ أَمَا
طَلْحَةُ
فَرَمَاهُ
مَرْوَانُ
بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَ أَمَّا
اَلزُّبَيْرُ
فَذَكَرَ قَوْلَ
رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
لَهُ: تُقَاتِلُ
عَلِيّاً
وَ أَنْتَ لَهُ ظَالِمٌ فَرَجَعَ مِنَ اَلْحَرْبِ عَلَى عَقِبِهِ؛ وَ أَمَّا
عَائِشَةُ
، فَإِنَّ
نَبِيَّ اَللَّهِ
نَهَاهَا عَنْ مَسِيرِهَا، فَعَضَّتْ يَدَهَا نَدَامَةً عَلَى مَا كَانَ مِنْهَا ؛ وَ كَانَ
طَلْحَةُ
لَمَّا نَزَلَ
بِذِي قَارٍ
، قَامَ خَطِيباً فَقَالَ: يَا أَيُّهَا اَلنَّاسُ، إِنَّا أَخْطَئْنَا فِي أَمْرِ
عُثْمَانَ
خَطِيئَةً لاَ يُخْرِجُنَا مِنْهَا إِلاَّ اَلطَّلَبُ بِدَمِهِ!! وَ
عَلِيٌّ
قَاتِلُهُ وَ عَلَيْهِ اَلْقَوَدُ، وَ قَدْ نَزَلَ
ذَا قَارٍ
مَعَ نَسَّاجِي
اَلْيَمَنِ
وَ قَصَّابِي وَ مُنَافِقِي
مِصْرَ
؛ فَلَمَّا بَلَغَنِي ذَلِكَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ أُنَاشِدُهُ بِحَقِّ
مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
أَ لَسْتَ أَتَيْتَنِي فِي
أَهْلِ
مِصْرَ
؟ وَ قَدْ حَصَرُوا
عُثْمَانَ
!؟ فَقُلْتَ: اِنْهَضْ بِنَا إِلَى هَذَا اَلرَّجُلِ، فَإِنَّا لاَ نَسْتَطِيعُ قَتْلَهُ إِلاَّ بِكَ، أَ لاَ تَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَّرَ
أَبَا ذَرٍّ
، وَ فَتَقَ بَطْنَ
عَمَّارٍ
وَ آوَى
اَلْحَكَمَ بْنَ اَلْعَاصِ
طَرِيدَ
رَسُولِ اَللَّهِ،
وَ اِسْتَعْمَلَ اَلْفَاسِقَ فِي
كِتَابِ اَللَّهِ
اَلْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ
وَ قَدْ ضُرِبَ فِي اَلْخَمْرِ وَ سَلَّطَ
خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ اَلْعُذْرِيِّ
وَ أَنْحَى عَلَى
كِتَابِ اَللَّهِ
يُحَرِّفُهُ وَ يُحْرِقُهُ!! فَقُلْتُ: لاَ أَرَى قَتْلَهُ اَلْيَوْمَ، وَ أَنْتَ اَلْيَوْمَ تَطْلُبُ بِدَمِهِ!؟ فأتياه [فَابْنَاهُ] مَعَكُمَا
عَمْرٌو
وَ
سَعِيدٌ،
، فخلياه [فَخَلُّوا] عَنْهُمَا يَطْلُبَانِ بِدَمِ أَبِيهِمَا، مَتَى كَانَتْ
أَسَدٌ
وَ
تَيْمٌ
أَوْلِيَاءَ دَمِ
بَنِي أُمَيَّةَ
!؟ فَانْقَطَعَا عِنْدَ ذَلِكَ؛ وَ قَامَ
عِمْرَانُ بْنُ اَلْحُصَيْنِ اَلْخُزَاعِيُّ
صَاحِبُ
رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)
فَقَالَ: يَا هَذَانِ لاَ تُخْرِجَانَا مِنْ طَاعَةِ اَللَّهِ عَلَى أَنْفُسِكُمَا، وَ لاَ تَحْمِلاَنَا عَلَى نَقْضِ بَيْعَتِهِ، فَإِنَّهَا لِلَّهِ رِضًى، أَ مَا وَسِعَتْكُمَا بُيُوتُكُمَا حَتَّى جِئْتُمَا
بِأُمِّ اَلْمُؤْمِنِينَ
لِطَاعَتِهَا إِيَّاكُمَا مِنْ مَسِيرِهَا مَعَكُمَا، وَ كُفَّا عَنَّا أَنْفُسَكُمَا، وَ اِرْجِعَا، [مِنْ حَيْثُ جِئْتُمَا] فَأَبَيَا عَلَيْهِ؛ ثُمَّ نَظَرْتُ فِي
أَهْلِ
اَلشَّامِ
فَإِذَا هُمْ بَقِيَّةُ
اَلْأَحْزَابِ
وَ حُثَالَةُ
اَلْأَعْرَابِ
فَرَاشُ نَارٍ، وَ ذِبَّانُ طَمَعٍ، تَجَمَّعُوا مِنْ كُلِّ أَوْبٍ وَ مَنْزِلٍ مِمَّنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدَّبَ وَ يُدَرَّبَ وَ يُوَلَّى عَلَيْهِ، لَيْسُوا مِنَ
اَلْمُهَاجِرِينَ
وَ
اَلْأَنْصَارِ
وَ لاَ
اَلتَّابِعِينَ
بِإِحْسَانٍ، فَسِرْتُ إِلَيْهِمْ وَ دَعَوْتُهُمْ إِلَى اَلطَّاعَةِ وَ اَلْجَمَاعَةِ فَأَبَوْا إِلاَّ شِقَاقِي وَ عِنَادِي وَ فِرَاقِي، وَ قَامُوا فِي وُجُوهِ
اَلْمُسْلِمِينَ
يَنْضَحُونَهُمْ بِالنَّبْلِ، فَهُنَاكَ نَهَدْتُ إِلَيْهِمْ
بِالْمُسْلِمِينَ
فَقَاتَلُوهُمْ، فَلَمَّا عَضَّهُمُ اَلسِّلاحُ وَ وَجَدُوا أَلَمَ اَلْجِرَاحِ رَفَعُوا اَلْمَصَاحِفَ يَدْعُونَ إِلَى مَا فِيهَا! فَأَنْبَأْتُهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَصْحَابِ دِينٍ وَ لاَ
قُرْآنٍ
، وَ أَنَّهُمْ رَفَعُوهَا خَدِيعَةً وَ مَكْراً وَ مَكِيدَةً وَ غَدْراً، فَامْضُوا عَلَى حَقِّكُمْ وَ قِتَالِكُمْ فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ وَ قُلْتُمْ : اِقْبَلْ مِنْهُمْ فَإِنْ أَجَابُونَا إِلَى مَا فِي اَلْكِتَابِ جَامَعُونَا عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ اَلْحَقِّ، وَ إِنْ أَبَوْا، كَانَ أَعْظَمَ لِحُجَّتِنَا عَلَيْهِمْ فَقَبِلْتُ مِنْهُمْ، وَ كَفَفْتُ عَنْهُمْ وَ كَانَ اَلصُّلْحُ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ عَلَى رَجُلَيْنِ حَكَمَيْنِ يُحْيِيَانِ مَا أَحْيَى
اَلْقُرْآنُ،
وَ يُمِيتَانِ مَا أَمَاتَ
اَلْقُرْآنُ،
فَاخْتَلَفَ رَأْيُهُمَا وَ تَفَرَّقَ حُكْمُهُمَا وَ نَبَذَا حُكْمَ
اَلْقُرْآنِ
وَ خَالَفَا مَا فِي
اَلْكِتَابِ
وَ اِتَّبَعَا أَهْوَاءَهُمَا «
بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اَللّٰهِ
» فَجَنَّبَهُمَا اَللَّهُ اَلسَّدَادَ، وَ رَكَسَهُمَا فِي اَلضَّلاَلِ ؛ وَ اِنْحَازَتْ فِرْقَةٌ عَنَّا فَتَرَكْنَاهُمْ وَ مَا تَرَكُونَا، فَقُلْنَا اِدْفَعُوا إِلَيْنَا قَتَلَةَ إِخْوَانِنَا، ثُمَّ
كِتَابُ اَللَّهِ
بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ، فَقَالُوا: كُلُّنَا قَتَلَتُهُمْ وَ كُلُّنَا اِسْتَحَلَّ دِمَاءَهُمْ وَ دِمَاءَكُمْ، فَشَدَّتْ عَلَيْهِمْ خَيْلُنَا فَصَرَعَهُمُ اَللَّهُ مَصَارِعَ اَلظَّالِمِينَ.
.
برای ثبت نمایه، وارد شوید
ترجمه (۰ )
هیچ ترجمه ای وجود ندارد
Please enable JavaScript to continue using this application.