بحار الأنوار
ج۲۹ ص۳۵
شناسه حدیث :
۲۳۶۷۱۸
|
نشانی :
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار علیهم السلام , جلد۲۹ , صفحه۳۵
عنوان باب :
الجزء التاسع و العشرون
[تتمة كتاب الفتن و المحن]
5 باب احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على أبي بكر و غيره في أمر البيعة
معصوم :
امام صادق (علیه السلام) ، امیرالمؤمنین (علیه السلام) ، پيامبر اکرم (صلی الله علیه و آله)
إِرْشَادُ اَلْقُلُوبِ
: رُوِيَ عَنِ
اَلصَّادِقِ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ:
أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ
لَقِيَ
أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي
سِكَّةِ
بَنِي اَلنَّجَّارِ
، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ صَافَحَهُ وَ قَالَ لَهُ: يَا
أَبَا اَلْحَسَنِ
! أَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ مِنِ اِسْتِخْلاَفِ اَلنَّاسِ إِيَّايَ، وَ مَا كَانَ مِنْ
يَوْمِ اَلسَّقِيفَةِ
، وَ كَرَاهِيَتِكَ اَلْبَيْعَةَ ؟ وَ اَللَّهِ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ إِرَادَتِي، إِلاَّ أَنَّ
اَلْمُسْلِمِينَ
اِجْتَمَعُوا عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أُخَالِفَ عَلَيْهِمْ فِيهِ ، لِأَنَّ
اَلنَّبِيَّ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: لاَ تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى اَلضَّلاَلِ . فَقَالَ لَهُ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: يَا
أَبَا بَكْرٍ
، أُمَّتُهُ اَلَّذِينَ أَطَاعُوهُ فِي عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، وَ أَخَذُوا بِهُدَاهُ، وَ أَوْفُوا بِ
مٰا عٰاهَدُوا اَللّٰهَ عَلَيْهِ
، وَ لَمْ يُبَدِّلُوا وَ لَمْ يُغَيِّرُوا . قَالَ لَهُ
أَبُو بَكْرٍ
: وَ اَللَّهِ يَا
عَلِيُّ
لَوْ شَهِدَ عِنْدِي اَلسَّاعَةَ مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا اَلْأَمْرِ سَلَّمْتُهُ إِلَيْكَ، رَضِيَ مَنْ رَضِيَ وَ سَخِطَ مَنْ سَخِطَ. فَقَالَ لَهُ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: يَا
أَبَا بَكْرٍ
! فَهَلْ تَعْلَمُ أَحَداً أَوْثَقَ مِنْ
رَسُولِ اَللَّهِ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ قَدْ أَخَذَ بَيْعَتِي عَلَيْكَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ - وَ عَلَى جَمَاعَةٍ مَعَكَ فِيهِمْ :
عُمَرُ
وَ
عُثْمَانُ
-: فِي
يَوْمِ اَلدَّارِ
، وَ فِي
بَيْعَةِ اَلرِّضْوَانِ تَحْتَ اَلشَّجَرَةِ
، وَ
يَوْمَ جُلُوسِهِ فِي
بَيْتِ
أُمِّ سَلَمَةَ
، وَ فِي
يَوْمِ اَلْغَدِيرِ
بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ
حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ
؟ فَقُلْتُمْ بِأَجْمَعِكُمْ: سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا اَللَّهَ وَ
رَسُولَهُ
. فَقَالَ لَكُمْ: اَللَّهُ وَ
رَسُولُهُ
عَلَيْكُمْ مِنَ اَلشَّاهِدِينَ. فَقُلْتُمْ بِأَجْمَعِكُمْ: اَللَّهُ وَ
رَسُولُهُ
عَلَيْنَا مِنَ اَلشَّاهِدِينَ. فَقَالَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فَلْيَشْهَدْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَ لْيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ، وَ مَنْ سَمِعَ مِنْكُمْ فَلْيُسْمِعْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ. فَقُلْتُمْ: نَعَمْ يَا
رَسُولَ اَللَّهِ
، وَ قُمْتُمْ بِأَجْمَعِكُمْ تُهَنُّونَ
رَسُولَ اَللَّهِ
وَ تُهَنُّونِّي بِكَرَامَةِ اَللَّهِ لَنَا، فَدَنَا
عُمَرُ
وَ ضَرَبَ عَلَى كَتِفِي وَ قَالَ بِحَضْرَتِكُمْ: بَخْ بَخْ يَا
اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ
أَصْبَحْتَ مَوْلاَنَا وَ مَوْلَى اَلْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ
: لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي يَا
أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ
أَمْراً ، لَوْ يَكُونُ
رَسُولُ اَللَّهِ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ شَاهِداً فَأَسْمَعُهُ مِنْهُ. فَقَالَ لَهُ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: اَللَّهُ وَ
رَسُولُهُ
عَلَيْكَ مِنَ اَلشَّاهِدِينَ، يَا
أَبَا بَكْرٍ
إِذَا رَأَيْتَ
رَسُولَ اَللَّهِ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَيّاً وَ يَقُولُ لَكَ إِنَّكَ ظَالِمٌ لِي فِي أَخْذِ حَقِّيَ اَلَّذِي جَعَلَهُ اَللَّهُ لِي وَ
رَسُولُهُ
دُونَكَ وَ دُونَ
اَلْمُسْلِمِينَ
أَ تُسَلِّمُ هَذَا اَلْأَمْرَ إِلَيَّ وَ تَخْلَعُ نَفْسَكَ مِنْهُ؟. فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ
: يَا
أَبَا اَلْحَسَنِ
! وَ هَذَا يَكُونُ؟ أَرَى
رَسُولَ اَللَّهِ
حَيّاً بَعْدَ مَوْتِهِ وَ يَقُولُ لِي ذَلِكَ ! فَقَالَ لَهُ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: نَعَمْ يَا
أَبَا بَكْرٍ
. قَالَ: فَأَرِنِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ حَقّاً . فَقَالَ
عَلِيٌّ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: اَللَّهُ وَ
رَسُولُهُ
عَلَيْكَ مِنَ اَلشَّاهِدِينَ إِنَّكَ تَفِي بِمَا قُلْتَ؟ قَالَ
أَبُو بَكْرٍ
: نَعَمْ. فَضَرَبَ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَلَى يَدِهِ وَ قَالَ: تَسْعَى مَعِي نَحْوَ
مَسْجِدِ قُبَا
، فَلَمَّا وَرَدَاهُ تَقَدَّمَ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَدَخَلَ اَلْمَسْجِدَ وَ
أَبُو بَكْرٍ
مِنْ وَرَائِهِ، فَإِذَا
بِرَسُولِ اَللَّهِ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي قِبْلَةِ اَلْمَسْجِدِ ، فَلَمَّا رَآهُ
أَبُو بَكْرٍ
سَقَطَ لِوَجْهِهِ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ. فَنَادَاهُ
رَسُولُ اَللَّهِ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: اِرْفَعْ رَأْسَكَ أَيُّهَا اَلضَّلِيلُ اَلْمَفْتُونُ. فَرَفَعَ
أَبُو بَكْرٍ
رَأْسَهُ وَ قَالَ: لَبَّيْكَ يَا
رَسُولَ اَللَّهِ
، أَ حَيَاةٌ بَعْدَ اَلْمَوْتِ يَا
رَسُولَ اَللَّهِ
؟ فَقَالَ: وَيْلَكَ يَا
أَبَا بَكْرٍ
إِنَّ اَلَّذِي أَحْيٰاهٰا لَمُحْيِ اَلْمَوْتىٰ إِنَّهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
. قَالَ: فَسَكَتَ
أَبُو بَكْرٍ
وَ شَخَصَتْ عَيْنَاهُ نَحْوَ
رَسُولِ اَللَّهِ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. فَقَالَ لَهُ: وَيْلَكَ يَا
أَبَا بَكْرٍ
نَسِيتَ مَا عَاهَدْتَ اَللَّهَ وَ
رَسُولَهُ
عَلَيْكَ فِي اَلْمَوَاطِنِ اَلْأَرْبَعَةِ
لِعَلِيٍّ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ؟ فَقَالَ: مَا أَنْسَاهَا يَا
رَسُولَ اَللَّهِ
. فَقَالَ: مَا بَالُكَ اَلْيَوْمَ تُنَاشِدُ
عَلِيّاً
- عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ - عَلَيْهَا ، وَ يُذَكِّرُكَ وَ تَقُولُ : نَسِيتُ؟! وَ قَصَّ عَلَيْهِ
رَسُولُ اَللَّهِ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا جَرَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَ
عَلِيٍّ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِلَى آخِرِهِ، فَمَا نَقَصَ مِنْهُ كَلِمَةً وَ لاَ زَادَ فِيهِ كَلِمَةً. فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ
: يَا
رَسُولَ اَللَّهِ
فَهَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟ وَ هَلْ يَعْفُو اَللَّهُ عَنِّي إِذَا سَلَّمْتُ هَذَا اَلْأَمْرَ إِلَى
أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ
؟ قَالَ: نَعَمْ يَا
أَبَا بَكْرٍ
، وَ أَنَا اَلضَّامِنُ لَكَ عَلَى اَللَّهِ ذَلِكَ إِنْ وَفَيْتَ. قَالَ: وَ غَابَ
رَسُولُ اَللَّهِ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَنْهُمَا، فَتَشَبَّثَ
أَبُو بَكْرٍ
بِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ قَالَ: اَللَّهَ اَللَّهَ فِيَّ يَا
عَلِيُّ
، صِرْ مَعِي إِلَى
مِنْبَرِ
رَسُولِ اَللَّهِ
حَتَّى أَعْلُوَ اَلْمِنْبَرَ فَأَقُصَّ عَلَى اَلنَّاسِ مَا شَاهَدْتُ وَ مَا رَأَيْتُ مِنْ
رَسُولِ اَللَّهِ
وَ مَا قَالَ لِي وَ مَا قُلْتُ لَهُ وَ مَا أَمَرَنِي بِهِ، وَ أَخْلَعَ نَفْسِي عَنْ هَذَا اَلْأَمْرِ وَ أُسَلِّمَهُ إِلَيْكَ. فَقَالَ لَهُ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: أَنَا مَعَكَ إِنْ تَرَكَكَ شَيْطَانُكَ. فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ
: إِنْ لَمْ يَتْرُكْنِي تَرَكْتُهُ وَ عَصَيْتُهُ. فَقَالَ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: إِذاً تُطِيعَهُ وَ لاَ تَعْصِيَهُ، وَ إِنَّمَا رَأَيْتَ مَا رَأَيْتَ لِتَأْكِيدِ اَلْحُجَّةِ عَلَيْكَ. وَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَ خَرَجَا مِنْ
مَسْجِدِ قُبَا
يُرِيدَانِ
مَسْجِدَ
رَسُولِ اَللَّهِ
صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ
أَبُو بَكْرٍ
يَتَلَوَّنُ أَلْوَاناً، وَ اَلنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَ لاَ يَدْرُونَ مَا اَلَّذِي كَانَ. حَتَّى لَقِيَهُ
عُمَرُ
، فَقَالَ لَهُ: يَا خَلِيفَةَ
رَسُولِ اَللَّهِ
مَا شَأْنُكَ، وَ مَا اَلَّذِي دَهَاكَ؟ فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ
: خَلِّ عَنِّي يَا
عُمَرُ
، فَوَ اَللَّهِ لاَ سَمِعْتُ لَكَ قَوْلاً. فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ
: وَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا خَلِيفَةَ
رَسُولِ اَللَّهِ
؟ فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ
: أُرِيدُ اَلْمَسْجِدَ وَ اَلْمِنْبَرَ. فَقَالَ: هَذَا لَيْسَ وَقْتَ صَلاَةٍ وَ مِنْبَرٍ!. قَالَ: خَلِّ عَنِّي وَ لاَ حَاجَةَ لِي فِي كَلاَمِكَ. فَقَالَ
عُمَرُ
: يَا خَلِيفَةَ
رَسُولِ اَللَّهِ
أَ فَلاَ تَدْخُلُ قَبْلَ اَلْمَسْجِدِ مَنْزِلَكَ فَتُسْبِغَ اَلْوُضُوءَ؟ قَالَ: بَلَى، ثُمَّ اِلْتَفَتَ
أَبُو بَكْرٍ
إِلَى
عَلِيٍّ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ قَالَ لَهُ: يَا
أَبَا اَلْحَسَنِ
تَجْلِسُ إِلَى جَانِبِ
اَلْمِنْبَرِ
حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكَ. فَتَبَسَّمَ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا
أَبَا بَكْرٍ
، قَدْ قُلْتُ لَكَ إِنَّ شَيْطَانَكَ لاَ يَدَعُكَ أَوْ يُرْدِيَكَ، وَ مَضَى
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ جَلَسَ بِجَانِبِ
اَلْمِنْبَرِ
. فَدَخَلَ
أَبُو بَكْرٍ
مَنْزِلَهُ، وَ مَعَهُ
عُمَرُ
، فَقَالَ : يَا خَلِيفَةَ
رَسُولِ اَللَّهِ
لِمَ لاَ تُنْبِئُنِي بِأَمْرِكَ ، وَ تُحَدِّثُنِي بِمَا دَهَاكَ بِهِ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
؟ فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ
: وَيْحَكَ يَا
عُمَرُ
! يَرْجِعُ
رَسُولُ اَللَّهِ
بَعْدَ مَوْتِهِ حَيّاً فَيُخَاطِبُنِي فِي ظُلْمِي
لِعَلِيٍّ
، بِرَدِّ حَقِّهِ عَلَيْهِ وَ خَلْعِ نَفْسِي مِنْ هَذَا اَلْأَمْرِ. فَقَالَ
عُمَرُ
: قُصَّ عَلَيَّ قِصَّتَكَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا. فَقَالَ لَهُ
أَبُو بَكْرٍ
: وَيْحَكَ يَا
عُمَرُ
! قَدْ قَالَ لِي
عَلِيٌّ
: إِنَّكَ لاَ تَدَعُنِي أَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ اَلْمَظْلِمَةِ، وَ إِنَّكَ شَيْطَانِي، فَدَعْنِي عَنْكَ ، فَلَمْ يَزَلْ يَرْقُبُهُ إِلَى أَنْ حَدَّثَهُ بِحَدِيثِهِ كُلِّهِ. فَقَالَ لَهُ: بِاللَّهِ عَلَيْكَ يَا
أَبَا بَكْرٍ
، أَ نَسِيتَ شِعْرَكَ [فِي] أَوَّلِ
شَهْرِ رَمَضَانَ
اَلَّذِي فُرِضَ عَلَيْنَا صِيَامُهُ، حَيْثُ جَاءَكَ
حُذَيْفَةُ بْنُ اَلْيَمَانِ
وَ
سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ
وَ
نُعْمَانُ اَلْأَزْدِيُّ
وَ
خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ
فِي
يَوْمِ جُمُعَةٍ
إِلَى دَارِكَ ليقضين [لِيَتَقَاضَوْكَ] دَيْنَكَ عَلَيْكَ، فَلَمَّا اِنْتَهَوْا إِلَى بَابِ اَلدَّارِ سَمِعُوا لَكَ صَلْصَلَةً فِي اَلدَّارِ، فَوَقَفُوا بِالْبَابِ وَ لَمْ يَسْتَأْذِنُوا عَلَيْكَ، فَسَمِعُوا
أُمَّ بَكْرٍ
زَوْجَتَكَ تُنَاشِدُكَ وَ تَقُولُ: قَدْ عَمِلَ حَرُّ اَلشَّمْسِ بَيْنَ كَتِفَيْكَ، قُمْ إِلَى دَاخِلِ اَلْبَيْتِ وَ أَبْعِدْ مِنَ اَلْبَابِ لاَ يَسْمَعْكَ بَعْضُ
أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ
فَيُهْدِرُوا دَمَكَ، فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ
مُحَمَّداً
أَهْدَرَ دَمَ مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ
شَهْرِ رَمَضَانَ
مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ وَ لاَ مَرَضٍ خِلاَفاً عَلَى اَللَّهِ وَ عَلَى
مُحَمَّدٍ
رَسُولِ اَللَّهِ . فَقُلْتَ لَهَا: هَاتِ - لاَ أُمَّ لَكِ - فَضْلَ طَعَامِي مِنَ اَللَّيْلِ، وَ أَتْرِعِي اَلْكَأْسَ مِنَ اَلْخَمْرِ، وَ
حُذَيْفَةُ
وَ مَنْ مَعَهُ بِالْبَابِ يَسْمَعُونَ مُحَاوَرَتَكُمَا، فَجَاءَتْ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ مِنَ اَللَّيْلِ وَ قصب [قَعْبٌ] مَمْلُوءٌ خَمْراً، فَأَكَلْتَ مِنَ اَلصَّحْفَةِ وَ كَرَعْتَ اَلْخَمْرَ، فَأَضْحَى اَلنَّهَارُ وَ قَدْ قُلْتَ لِزَوْجَتِكَ :
ذَرِينِي أَصْطَبِحْ يَا أُمَّ بَكْرٍ
فَإِنَّ اَلْمَوْتَ نَفَّثَ عَنْ هِشَامٍ
إِلَى أَنِ اِنْتَهَيْتَ فِي قَوْلِكَ
يَقُولُ لَنَا
اِبْنُ كَبْشَةَ
سَوْفَ نُحْيَا
وَ كَيْفَ حَيَاةُ أَشْلاَءٍ وَ هَامٍ
وَ لَكِنْ بَاطِلاً قَدْ قَالَ هَذَا
وَ إِفْكاً مِنْ زَخَارِيفِ اَلْكَلاَمِ
أَلاَ هَلْ مُبْلِغُ اَلرَّحْمَنِ عَنِّي
بِأَنِّي تَارِكٌ
شَهْرَ اَلصِّيَامِ
وَ تَارِكُ كُلِّ مَا أَوْحَى إِلَيْنَا
مُحَمَّدٌ
مِنْ أَسَاطِيرِ اَلْكَلاَمِ
فَقُلْ لِلَّهِ: يَمْنَعُنِي شَرَابِي
وَ قُلْ لِلَّهِ: يَمْنَعُنِي طَعَامِي
وَ لَكِنَّ اَلْحَكِيمَ رَأَى حَمِيراً
فَأَلْجَمَهَا فَتَاهَتْ بِاللِّجَامِ
فَلَمَّا سَمِعَكَ
حُذَيْفَةُ
وَ مَنْ مَعَهُ تَهْجُو
مُحَمَّداً
، قَحَمُوا عَلَيْكَ فِي دَارِكَ، فَوَجَدُوكَ وَ قَعْبُ اَلْخَمْرِ فِي يَدَيْكَ ، وَ أَنْتَ تَكْرَعُهَا، فَقَالُوا لَكَ: يَا عَدُوَّ اَللَّهِ خَالَفْتَ اَللَّهَ وَ
رَسُولَهُ
، وَ حَمَلُوكَ كَهَيْئَتِكَ إِلَى مَجْمَعِ اَلنَّاسِ بِبَابِ
رَسُولِ اَللَّهِ
، وَ قَصُّوا عَلَيْهِ قِصَّتَكَ، وَ أَعَادُوا شِعْرَكَ، فَدَنَوْتُ مِنْكَ وَ سَارَرْتُكَ وَ قُلْتُ لَكَ فِي ضَجِيجِ اَلنَّاسِ: قُلْ إِنِّي شَرِبْتُ اَلْخَمْرَ لَيْلاً، فَثَمِلْتُ فَزَالَ عَقْلِي، فَأَتَيْتُ مَا أَتَيْتُهُ نَهَاراً، وَ لاَ عِلْمَ لِي بِذَلِكَ، فَعَسَى أَنْ يُدْرَأَ عَنْكَ اَلْحَدُّ. وَ خَرَجَ
مُحَمَّدٌ
وَ نَظَرَ إِلَيْكَ، فَقَالَ: أَيْقِظُوهُ، فقلن [فَقُلْنَا] : رَأَيْنَاهُ وَ هُوَ ثَمِلٌ يَا
رَسُولَ اَللَّهِ
لاَ يَعْقِلُ، فَقَالَ: وَيْحَكُمْ اَلْخَمْرُ يُزِيلُ اَلْعَقْلَ، تَعْلَمُونَ هَذَا مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْرَبُونَهَا؟ فَقُلْنَا: يَا
رَسُولَ اَللَّهِ
وَ قَدْ قَالَ فِيهَا
إِمْرُؤُ اَلْقَيْسِ
شِعْراً:
شَرِبْتُ اَلْخَمْرَ حَتَّى زَالَ عَقْلِي
كَذَاكَ [اَلْخَمْرُ يَفْعَلُ] بِالْعُقُولِ
ثُمَّ قَالَ
مُحَمَّدٌ
: أَنْظِرُوهُ إِلَى إِفَاقَتِهِ مِنْ سَكْرَتِهِ. فَأَمْهَلُوكَ حَتَّى أَرَيْتَهُمْ أَنَّكَ قَدْ صَحَوْتَ، فَسَاءَلَكَ
مُحَمَّدٌ
، فَأَخْبَرْتَهُ بِمَا أَوْعَزْتُهُ إِلَيْكَ: مِنْ شُرْبِكَ بِهَا بِاللَّيْلِ. فَمَا بَالُكَ اَلْيَوْمَ تُؤْمِنُ
بِمُحَمَّدٍ
وَ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَ هُوَ عِنْدَنَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ. فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا
أَبَا حَفْصٍ
! لاَ شَكَّ عِنْدِي فِيمَا قَصَصْتَهُ عَلَيَّ، فَاخْرُجْ إِلَى
اِبْنِ أَبِي طَالِبٍ
فَاصْرِفْهُ عَنِ
اَلْمِنْبَرِ
. قَالَ: فَخَرَجَ
عُمَرُ
- وَ
عَلِيٌّ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ جَالِسٌ تَحْتَ
اَلْمِنْبَرِ
- فَقَالَ: مَا بَالُكَ يَا
عَلِيُّ
! قَدْ تَصَدَّيْتَ لَهَا ؟ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، وَ اَللَّهِ دُونَ مَا تَرُومُ مِنْ عُلُوِّ هَذَا اَلْمِنْبَرِ خَرْطُ اَلْقَتَادِ. فَتَبَسَّمَ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِدُهُ ، ثُمَّ قَالَ: وَيْلَكَ مِنْهَا وَ اَللَّهِ يَا
عُمَرُ
إِذَا أُفْضِيَتْ إِلَيْكَ، وَ اَلْوَيْلُ لِلْأُمَّةِ مِنْ بَلاَئِكَ! فَقَالَ
عُمَرُ
: هَذِهِ بُشْرَى يَا
اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ
، صَدَقَتْ ظُنُونُكَ وَ حَقٌّ قَوْلُكَ. وَ اِنْصَرَفَ
أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَ كَانَ هَذَا مِنْ دَلاَئِلِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ:
.
برای ثبت نمایه، وارد شوید
ترجمه (۰)
هیچ ترجمه ای وجود ندارد
Please enable JavaScript to continue using this application.