: مرسل. من قال هذا القول المشار إليه مجموع الدعائين دعاء الاستفتاح و دعاء الانصراف و إذا لمحض الظرفية و قوله إذا قام إلى آخر الحديث بدل تفضيل لقوله قال هذا القول و المستتر في قام راجع إلى من، و قيل: من متعلق بقال و إذا قام ظرف له على الظاهر، أو لكان على احتمال و المراد بالقيام على الأول القيام للصلاة و على الثاني القيام للنشور انتهى، و الأول أوجه، و المراد باستفتاح الصلاة التكبيرات الافتتاحية أي قبل جميعها إني أتوجه إليك أي أقبل بظاهري و باطني إليك بمحمد و آل محمد قيل الباء للسببية أو الاستعانة و أقدمهم بين يدي صلواتي قيل: الصلاة هدية و تحفة من العبد إلى الله تعالى، و لا بد في إيصاله إليه و قبوله لها من توسطهم عليهم السلام كما يتوسط مقربو السلطان في إيصال التحف إليه و أتقرب بهم إليك أي أتقرب بتوسطهم أو بتصديقهم و متابعتهم إليك. و أقول: لما كان الصلاة معراج المؤمن و بها يتقرب إلى حضرة القدس و لا يمكن سلوك هذه الطريقة الأصفى و الوصول إلى هذا المقصد الأقصى إلا بدليل يهدى إلى ذلك السبيل و معين يوصل العائد إلى حضرة الرب الجليل و ينجيه من وساوس أهل التضليل و يسقيه بكأس المحبة من العين السلسبيل، فلذا توسل بمقربي جنابه و العارفين بطرق قربه و أبوابه و توسل بهم إليه، و استشفع بهم لديه فقال فاجعلني بهم أي بهدايتهم و إرشادهم و تأييدهم و إسعادهم أو بتصديقهم و اتباعهم وجيها أي ذا جاه و منزله، في المصباح: وجه بالضم وجاهة فهو وجيه إذا كان له حظ و رتبة، و في القاموس: الوجه سيد القوم كالوجيه، و قال الراغب فلان وجيه ذو جاه، فالوجاهة عند الله في الدنيا بالعلم و العمل و سلوك الطريقة القويمة و متابعة العترة الهادية و كونه من الهادين المخلصين لله الدين، و في الآخرة بالدرجات الرفيعة، و كونه محشورا مع أئمة الدين بل يكون ببركتهم و قربهم من شفعاء المذنبين و يظهر منزلتهم و جاههم عند الله على العالمين و لذا قال و من المقربين أي منك و من الأئمة الراشدين برغم النواصب و المخالفين كما قال سبحانه
(فَلَمّٰا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هٰذَا اَلَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ)
و قالوا عند ذلك
(فَمٰا لَنٰا مِنْ شٰافِعِينَ `وَ لاٰ صَدِيقٍ حَمِيمٍ)
. و لما كان هذا الكلام موهما لإظهار فضل و امتنان قال مننت علي بمعرفتهم أي هذه أيضا من نعمك الجليلة حيث جعلتني من شيعتهم و رزقتني القول بإمامتهم و لذا تقربت بهم إليك، فترك العاطف بينهما لكمال الاتصال أو للاستئناف كأنه سبحانه يقول من جعلك بحيث تتوصل بهم إلى فيقول: أنت مننت علي بمعرفتهم فأرجو منك أن تختم لي بطاعتهم في الأقوال و الأعمال و العقائد و تديم و تتم لي معرفتهم لأبلغ في جميع ذلك إلى درجة الكمال و أكون مستقرا فيها إلى آخر الأحوال و لا أكون مستودعا أزول عنها بشبه الشياطين و أهل الظلال فإنها السعادة التي توجب الخلود في النعم الباقية، فالضمير راجع إلى الطاعة و المعرفة و الولاية الكاملة الدائمة المستقرة، و تعريف الخبر لإفادة الحصر الدال على أن ما سواها من المعرفة و الطاعة الناقصة التي في معرض الزوال ليست بسعادة اختم لي بها أي بما ذكر من الأمور الثلاثة أو بالسعادة و مالهما واحد و هذا تأكيد للسابق للمبالغة و الاهتمام بها و ببقائها و ثباتها. ثم تصلي في بعض النسخ بصيغة الخطاب و في بعضها بصيغة الغيبة و على الأول فيه التفات، و على ما اخترناه في أول الخبر هذه الجملة معطوفة على قوله إذا قام إلى آخره و هي من تتمة كلام أمير المؤمنين عليه السلام و في الكلام أيضا التفات لأنه في قوة فإذا انصرف قال اللهم اجعلني طلب ذلك لأن المعرفة التامة و المتابعة الكاملة و المحبة الصادقي تقتضي المشاركة في العافية و البلاء و الشدة و الرخاء و اجعلني مع محمد و آل محمد في كل مثوى و منقلب المثوى محل الإقامة أو مصدر ميمي من قولهم ثوى بالمكان أقام به، و كذا المنقلب يحتملهما أي في كل مكان أقاموا فيه و كل محل انقلبوا فيه، أو في كل إقامة و سكون و كل انقلاب و حركة، و بالجملة طلب أن تكون حركاته و سكناته موافقة لحركتهم و سكونهم، و لو لا ذلك لدخل النقص في المتابعة و وقع الفراق بين المحب و المحبوب في الجملة. اللهم اجعل محياي محياهم و مماتي مماتهم المحيي و الممات مفعل من الحياة و الموت، و يقعان على المصدر و الزمان و المكان و الأول هنا أظهر، و المعنى اجعل حياتي مثل حياتهم في التعرض للخيرات و الأعمال الصالحات، و موتي مثل موتهم في استحقاق الغفران و الرضوان و الدرجات و الشفاعات، أو في الشهادة و القتل في سبيل الله، و قيل المحيي الخيرات التي تقع في حال الحياة منجزة و الممات الخيرات التي تصل إلى الشخص بعد الموت كالتدبير و الوصية و غير ذلك مما ينتفع به بعد الموت.