مرآة العقول ; ج ۱۹ ص ۱۱۸
: حسن. قوله عليه السلام: الحل و الحمس قال الزمخشري في الفائق: قال جبير بن مطعم: أضللت بعيرا إلى يوم عرفة فخرجت أطلبه حتى أتيت عرفة، فإذا رسول الله صلى الله عليه و آله واقفا بعرفة مع الناس، فقلت: هذا من الحمس، فما له خرج من الحرم، الحمس: قريش و من دان بدينهم في الجاهلية، واحدهم أحمس سموا لتحمسهم أي لتشددهم في دينهم، و الحمسة: الحرمة مشتقة من اسم الحمس لحرمتهم و نزولهم، و كانوا لا يخرجون من الحرم و يقولون: نحن أهل الله لسنا كسائر الناس، فلا نخرج من حرم الله، فكان الناس يقفون بعرفة، و هي خارج الحرم، و هم كانوا يقفون فيه، حتى نزل
ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ اَلنّٰاسُ
فوقفوا بعرفة فلما رأى جبير رسول الله صلى الله عليه و آله بعرفة، و هي خارج الحرم و لم يعلم نزول هذه الآية بمكة أنكر وقوفه بعرفة و هي خارج الحرم، رسول الله مبتدأ و خبره فإذا كقولك في الدار زيد و واقفا حال عمل فيها ما في إذا و إذا من معنى الفعل انتهى و يظهر من الخبرين أنه كان من خصائصه صلى الله عليه و آله عدم جواز قبول هدية المشركين، و لم يعده الأصحاب منها إلا ابن شهرآشوب، و ذكره بعض العامة، و قال بعضهم: إنه نسخ لأنه صلى الله عليه و آله قبل هدية النجاشي، و المقوقس و أكيدر، و روي في الفقيه أنه قبل هدية كسرى و قيصر و الملوك، و يمكن أن يقال: إنه صلى الله عليه و آله لعل قبل هديتهم بعد إسلامهم واقعا و إن لم يظهروه لقومهم تقية، أو يقال: إنه كان يجوز له القبول عند الضرورة و المصلحة، و كان قبل منهم لذلك و هذا أظهر، و قال في النهاية: فيه إنا لا نقبل زبد المشركين الزبد بسكون الباء: الرفد و العطاء، قال الخطابي: يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخا، لأنه قد قبل هدية غير واحد من المشركين، أهدى له المقوقس مارية و البغلة و أهدى له أكيدر دومة، فقبل منهما، و قيل: إنما رد هديته ليغيظه بردها، فيحمله ذلك على الإسلام، و قيل: ردها لأن للهدية موضعا من القلب، و لا يجوز عليه أن يميل بقلبه إلى مشرك، فردها قطعا لسبب الميل، و ليس ذلك مناقضا لقبوله هدية النجاشي و مقوقس و أكيدر، لأنهم أهل كتاب.
