[قوله] في خبر سماعة:(يهريقهما و يتيمّم). [ح 3843/6]
و مثله ما رواه الشيخ في الموثّق عن عمّار الساباطي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام - في حديث طويل - قال: سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء، وقع في أحدهما قذر لا يدري أيّهما هو، و ليس يقدر على ماء غيره. قال:«يهريقهما جميعاً و يتيمّم» .و ظاهرهما وجوب الإهراق، و صرّح به الشيخان في المقنعة و النهاية ، و الصدوق في الفقيه ، و كأنّه تعبّد.
و قيل:«ليتحقّق فقد الماء الطاهر»، و فيه نظر؛ إذ المشتبه بالنجس كالمعدوم، و ذهب ابن إدريس و الأكثر إلى عدمه؛ حاملين للأمر به على الإباحة، و هو ظاهر الشيخ في المبسوط و الخلاف حيث لم يتعرّض فيهما للإهراق، و رجّحه في
المنتهى ، و في القواعد جزم به، و قال:«بل قد يحرم عند خوف العطش»، و مثله الشهيد في الذكرى، قال:
و الحديث يحمل على الكناية عن النجاسة أو استحقاق الإهراق، و ربما قيل بجواز التوضّي من أحد الإناءين و صلاة، ثمّ وضوء آخر من الآخر و صلاة اُخرى، و هو محلّ تأمّل .و قد ألحقوا بذلك الزائد على الإناءين، و هو جيّد، و لم أر مخالفاً له.
و ألحق بعضهم به كلّ مشتبه، فحكموا بحرمة الشرب من أحدها و حرمة الأكل من الجُلّة التي وقعت فيها تمرة نجسة مع عدم العلم بعينها، و عدم جواز اللبث في المسجد لرجلين كان أحدهما جنباً مع الاشتباه، و عدم جواز اقتداء أحدهما بالآخر، و أمثال ذلك.
و به صرّح في المبسوط، و هو قياس، و يتأبّى عنه الأصل و العمومات.
و قال المحقّق الشيخ عليّ قدس سره في شرح القواعد:
و لا يجوز عندنا التحرّي و إن انقلب أحدهما. و المراد به الاجتهاد في طلب الأحرى؛ و هو الظاهر؛ لقرينة ثبوت النهي عن استعمالها، فالقرينة التي لا تثمر اليقين غير كافية في الخروج عنه، و لأنّه لا يأمن أن يكون استعماله للنجس فينجس به مع بقائه على حدثه، و ليس هذا كالاجتهاد في القبلة، و جوّزه الشافعي [هنا، و] مع انقلاب أحدهما [فالتحرّي عند بعض الشافعيّة ثابت - كما إذا لم ينقلب-]، و عند بعضهم يتعيّن حينئذٍ استعمال الباقي؛ لعدم القطع بوجود النجس، و قد كان [الأصل] الطهارة، و ليس بشيء. انتهى .
و لو اشتبه المطلق بالمضاف لا يجوز التيمّم حينئذٍ بل يتوضّأ من كلّ منهما وضوءاً و يصلّي صلاة واحدة، كذا في الخلاف و الذكرى و القواعد ، و لم أجد مخالفاً لهم.
و لو أهرق أو انقلب أحدهما، قيل: لا يبعد وجوب الوضوء بالآخر، و في القواعد: «الوجه الوضوء و التيمّم، و هو واضح» .و في شرح المحقّق الشيخ عليّ:
و يحتمل ضعيفاً عدم وجوب الوضوء فيتمّم خاصّة، لأنّ التكليف بالوضوء إنّما هو مع وجود المطلق [و هو منتف]، و لأصالة البراءة من وجوب طهارتين .
: موثق. قوله عليه السلام ألقه الهاء للسكت. و حمل علي الاستحباب و المشهور كراهة استعمال ما مات فيه الوزغ و العقرب لما فيهما من السم، و حكم ابن البراج بنجاسة ما مات فيه الوزغ، و الشيخ في النهاية بنجاسة ما مات فيه العقرب و الأشهر أقوى. قوله عليه السلام يهريقهما عليه عمل الأصحاب لكن اختلفوا في وجوب الإهراق و منهم من جعله كناية عن عدم الاستعمال و الأحوط الإهراق إلا مع ظن الاحتياج إليه.